ومائة. أخذ عَنْهُ: أَبُو تَمَّام الطّائيّ، وغيره. وقيل إنّ أَبَا نُوَاس لَمَّا سارَ إلى مصر ليمدح الخصيب بْن عَبْد الحميد اجتاز بحمص فاختفى منه ديك الْجِنّ واستصغر نفسه معه، فجاء إلى داره وقال: لجاريته، قولي أن يخرج، فقد

فتن أهل العراق بقوله:

مُوَرّدةٌ من كفّ ظَبْيٍ كأنَّما ... تناولَها من خدِّهِ فأدارها

فلمّا سَمِعَ ذَلِكَ خرجَ إِلَيْهِ وأدْخَلهُ، وعمل لَهُ ضيافة. ومن أبيات هذه القصيدة:

فقُمْ أنت فاحْثُثْ كأسَها غيرَ صاغِرِ ... ولا تسق غير خَمْرَها وعُقَارَها

فَقَامَ يكادُ الكأسُ يحرِقُ كَفَّهُ ... من الشَّمْس أو من وَجْنَتَيْه استعارها

ظللْنَا بأيدينا نُتَعْتعُ روحَها ... فتأخذُ من أرواحنا الرّاحُ ثارها

عَنْ يقظان بْن سلام قَالَ: قُلْنَا لأبي تمّام: لو نَهَيْتَ ديكَ الجنّ مِمّا هُوَ فِيهِ، ولك عشرة آلاف درهم. قَالَ أَبُو تَمّام: فدخلتُ عَلَيْهِ وهو مطَّرِحٌ عَلَى حصيرٍ سَكْران، وعلى رأسه غُلام يروّحُه.

فلمّا رآنِي الغلام نبههُ، فلمّا رآني قام يلبّني، وقال تُحسِن تَقُولُ مثلي؟ ثُمَّ أنشد:

أما ترى راهبَ الأسحارِ قد هتفا ... وحثّ تغريدُه لَمَّا علا السُّعُفا

أَوْفَى يصيغُ إلى فانوس مغرقة ... كغُرَّة التّاج لَمَّا عُولي الشُّرَفَا

مشنّف بعقيق فوقَ مديحِهِ ... هَلْ كنت فِي غير أُذنٍ تعهد الشّنفا

لَمّا أراحت رُعاةُ الليل عاريةً ... من الكواكبِ كادت ترتقي السّدُفا

هزّ اللّواء عَلَى ما كَانَ من هَيَفٍ ... فارْتَجّ لَمّا علاه اهْتَزّ ثُمَّ هَفَا

ثُمَّ استمرّ كما غنّى عَلَى طَرَبٍ ... تكدّر الْمَاءُ عَلَى تغريده وصفا

قام مختلفًا كالدرر مطَّلِعًا ... والرَّيمُ ملتفتًا والغُصْنُ مُنعطِفا

رقّت غُلالة خَدَّيْه فلو رميا ... باللّحظ أو بالْمُنَى همّا بأن يكفا

كأن قافًا أديرت فوق وجنتيه ... واختطّ كاتبُها من فوقها ألِفَا

فاستلّ راحًا كبيضٍ واقَعَتْ جحفًا ... حَلا لَنَا أو كنارٍ صادَفَتْ سُعُفا

فلَم أزَل من ثلاثٍ واثنتين ومن ... خمسٍ وستٍّ وما استعلى وما لَطُفا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015