وعن عليّ بن يحيى المنجّم قال: استتمّ عِدّة غلمان المعتصم الأتراك بضعة عشر ألفًا، وعُلِّق له خمسون ألف مِخْلاة. وذَلَّل العدَوّ بالنّواحي.

فيقال: إنه قال في مرض موته: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَة} [الأنعام: 44] .

وقال المسعودي: وَزَرَ له ابن الزّيّات إلى آخر أيّامه، وغلب عليه أحمد بن أبي دُؤَاد.

وقال ابن أبي الدُّنيا: نا عليّ بن الجعد قال: لمّا احتصر المعتصم جعل يقول: ذهبت الحيلة فليس حيلة. حَتّى صمت.

قال: وحدَّثني شيخ من قُريش أنّه جعل يقول: أؤخذ من بين هذا الخلّق.

قال: وكان أصْهَب الّلحية جدًّا، وطويلَها.

قلت: وللمعتصم شعرٌ لا بأ س به، وكلمات فصيحة.

قال نَفْطَوَيْه: فممّا يُرْوَى من كلامه: إذا شُغلت الألباب بالأداب، والعقول بالتعليم، تنبّهَت النفوس على محمود أمرها، وأبرز التّحريك حقائقها.

قال نَفْطَوَيْه: وحُدِّثت أنّه كان من أشدّ النّاس بطْشًا، وأنّه جعل زَنْد رجلٍ بين أصابعه، فكسره.

وقال عبد الله بن حمدون النّديم، عن أبيه، سمع المعتصم يقول: عاقل عاقل مرّتين أحمق.

وقال إسحاق بن إبراهيم الأمير: واللهِ ما رأيت كالمعتصم رجلًا. لقد رأيته يُمْلي كتابًا، ويقرأ كتابًا، ويعقد بيده، وإنّه لَيُنْشِدُ شعر أبي خِراش الهُذَليّ:

حَمِدتُ إلهِي بعد عُرْوَة إذ نجا ... خِراشٌ وبعضُ الشَّرِّ أهْوَنُ من بعضِ

بلى إنّها تَعْفُو الكلوم، وإنّما ... يؤكل بالأدنى، وإنْ جلّ ما يمضي

ولم أدرِ من ألقى عليه ردَاءه ... ولكنّه قد سئل عن ماجدٍ محض

مات المعتصم يوم الخميس، لإحدى عشر ليلةٍ بقِيَت من ربيع الأوّل، سنة سبْعٍ وعشرين ومائتين، وله سبْعٍ وأربعون سنة وسبعة أشهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015