وجماعة، إلّا أنّه جمع رواياتهم في كتابه؛ وكتاب "غريب الحديث" أَوَّل من عمله أبو عُبَيْدة، وقُطْرَب، والأخفش، والنَّضْر، ولم يأتوا بالأسانيد، وعمل أبو عدنان البصْريّ كتابًا في "غريب الحديث" وذكر فيه الأسانيد، وصنّفه على أبواب السُّنَن، إلاّ أنّه ليس بالكبير، فجمع أبو عبيد عامّةَ ما في كُتُبهم وفسّره، وذكر الأسانيد، وصنف "المسند" على على حدته، و"أحاديث كلّ رجلٍ من الصّحابة والتّابعين" على حِدَتهِ، وأجاد تصنيفه، فرغِب فيه أهل الحديث والفقه والّلغة، لاجتماع ما يحتاجون إليه فيه.

وكذلك كتابه في "معاني القرآن"؛ وذلك أنّ أَوَّل مَنْ صَنَّفَ في ذلك من أهل الّلغة أبو عُبَيْدة، ثمّ قُطْرُب، ثمّ الأخفش، وصنَّف من الكوفيّين: المسائيّ، ثمّ الفرّاء، فجمع أبو عُبَيْد من كُتُبهم، وجاء فيه بالآثار وأسانيدها، وتفاسير الصّحابة، والتّابعين، والفُقَهاء، وروى النّصف منه، ومات.

وأمّا الفِقْه فإنّه عمد إلى مذهب مالك. والشّافعيّ، فتقلّد أكثر ذلك، وأتى بشواهده، وجمعه مِن حديثه ورواياته، واحتجّ بالّلغة والنَّحْو، فحسّنها بذلك.

وله في القراءات كتاب جيّد، ليس لأحدٍ من الكوفيّين قبله مثله، وكتاب في الأموال، من أحسن ما صُنِّف في الفقه وأَجْوَده.

وقال أبو بكر بن الأنباريّ: كان أبو عُبَيْد يقسّم الّليل، فيصلّي ثُلثه، وينام ثُلثه، ويُصَنِّف ثُلثه.

وقال الحافظ عبد الغني بن سعيد: في كتاب "الطهارة" لأبي عُبَيْد حديثان، ما حدَّث بهما غيره، ولا حدَّث بهما عنه غير محمد بن يحيى المَرْوَزِيّ. أحدهما حديث شُعْبَة، عن عَمْرو بن أبي وَهْب، والآخر حديث عُبَيْد الله بن عُمَر، عن سعيد المَقْبُريّ، حدَّث به يحيى القطّان، عن عُبَيْد الله، وحدَّث به النّاس، عن يحيى، عن ابن عَجْلان.

وقال ثعلب: لو كان أبو عُبَيْد في بني إسرائيل لكان عجبًا.

وقال القاضي أبو العلاء الواسطيّ: أنبأ محمد بن جعفر التَّميميّ، ثنا أبو عليّ النحوي، نا الفساطيطيّ قال: قال أبو عُبَيْد مع عبد الله بن طاهر، فبعث إليه أبو دلف يستهديه أبا عبيد مدّة شهرين، فأخذه إليه، فأقام شهرين، فلمّا أراد الإنصراف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015