قال علي بن المغيرة الأثرم: حدَّثني إبراهيم بن المهديّ أنّه ولي إمرة دمشق سنتين، ثمّ أربع سِنين لم يُقْطع على أحدٍ في عمله طريق. وأُخْبِرتُ أنّ الآفة كانت في قطع الطّريق من دعامة والنُّعمان مَوْلَيان لبني أُمَيّة، ويحيى بن أرميا من يهود البلْقاء. وأنّهم لم يضعوا يدهم في يد عامل. فلمّا ولّيت كاتبتهم.
قال: فكتب إليه النُّعْمان بالأيمان المحرجة أنّه لا يُفسِد في عمله ما دام واليًا.
قال: ودخل إلى دعامة سامعًا مطيعًا، وأعلمني أنّ النُّعْمان قد صدق وأنّه يفي. وأعلمني أنّ اليهوديّ كتب إليه أنّي خارج إلى مناظرتك فاكتب لي أمانًا تحلِف لي فيه أنّك لا تُحْدِثُ فيّ حدثًا حنّى تَرُدْني إلى مأمني. فأجبته.
قال: فقدِم عليّ شابً أشعَر أمعَر، عليه أقبية ديباج ومِنْطَقة وسيف مُحَلّى. فدخل إلى دار معاوية، وكنتُ في صحنها. فسلّم من دون البساط. فقلت: ارتفِع.
فقال: أيُّها الأمير إنّ للبساط ذمامًا، أخاف أن يلزمني جلوسي عليه، ولستُ أدري ماذا تسومني.
فقلت له: أَسْلِمْ واسْمَعْ وأَطِعْ.
فقال: أمّا الطاعة فأرجو. وأمّا الإسلام فلا سبيل إليه. فأعلِمْني بما لي عندك إذا لم أدخل في دينك.
قال: فقلت لا بدّ من أداء الجزية.
فقال: يعفيني الأمير.
قال: فقلت: لا سبيل إلى ذلك.
قال: فأنا منصرف على أماني.
فأذِنْتُ له، وأمرتُهم بأن يَسْقُوا فَرَسه عند خروجه إليه. فلمّا رأى ذلك دعا بدابّةٍ شاكريّة، فرَكِبَها وترك دابّتَه، وقال: ما كنت لآخذ معي شيئًا قد أرتفق منكم بمرفقٍ فأحاربكم عليه.
قال: فاستحسنت منه ذلك وطلبته، فلمّا دخل قلتُ: الحمد لله الذي أظفرني بك بلا عقد ولا عهد.