وقال غيره: لما خلع الأمين أخاه المأمون من ولاية العهد غضب المأمون ودعا إلى نفسه بخُراسان، فبايعوه في أول سنة ثمانٍ وتسعين ومائة.
وقال الخطْبيّ: كان يُكنَّى أبا العبّاس، فلمّا استُخْلف اكتنى بأبي جعفر. وأمّه أم ولد اسمها مراجل، ماتت أيّام نِفاسها به.
وقال أيضًا: دُعي للمأمون بالخلافة والأمين حيّ في آخر سنة خمسٍ وتسعين، إلى أن قُتل الأمين، فاجتمع النّاس عليه، وتفرّقت عُمّاله في البلاد، وأقيم الموسم سنة ستٍّ وسنة سبعٍ باسمه، وهو مقيمٌ بخُراسان. واجتمع الناس عليه ببغداد في أول سنة ثمانٍ. وأتاه الخبر بمَرْو، فولّي العراق، الحَسَن بن سَهل، وقدِمَها سنة سبعٍ.
ثم بايع المأمون بالعهد لعليّ بن موسى الرضا الحُسَينيّ رحمه الله، ونوّهَ بذِكرِهِ، وغيَّر زيّ آبائه من لبْس السَّواد، وأبدله بالخُضْرة. فغضب بنو العبّاس بالعراق لهذين الأمرين وقطعوه، وبايعوا إبراهيم عمَّه ولقَّبوه "المبارك".
فحاربه الحَسَن بن سهل، فهزمه إبراهيم وألحقه بواسط. وأقام إبراهيم بالمدائن. ثم سار جيش الحَسَن وعليهم حُمَيْد بن الطّوسيّ، وعليّ بن هشام، فهزموا إبراهيم، فاختفى وانقطع خبره إلى أن ظهر في وسط خلافة المأمون، فعفا عنه.
وكان المأمون فصيحًا مُفَوَّهًا. وكان يقول: معاوية بِعَمْرِه، وعبد الملك بِحَجَّاجِهِ، وأنا بنفسي. وقد رُوِيَت هذه عن المنصور.
وقيل: كان نقش خاتمه: المأمون عبد الله بن عُبَيْد الله.
رُوِي عنه أنّه ختم في بعض الرمضانات ثلاثًا وثلاثين ختْمة.
وقال الحسين بن فهم الحافظ: ثنا يحيى بن أكثم قال: قال لي المأمون: أريد أن أُحدِّث.
فقلت: وَمَن أولى بهذا مِن أمير المؤمنين؟ فقال: اصنعوا لي منبرًا. ثم صعِد، فأوّل حديث أورده: حُدِّثْنَا عَنْ هُشَيْمٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: "امْرُؤُ الْقَيْسِ صَاحِبُ لِوَاءِ الشِّعْرِ إِلَى النار"1.