وكلُّ على ذاك ذاقَ الرَّدَى ... فبادُوا جميعًا فهم هامدُونا1

ومن طُرق، عن ابن المبارك، ويقال بل هي لحميد النحوي:

اغتنِمْ رَكْعَتَيْنِ زُلْفَى إلى الله ... إذا كُنت فارغًا مُسْتَريحًا

وإذا ما هَمَمْتَ بالنُّطْق بالباطلِ ... فاجْعَلْ مكانه تسبيحا

فاغْتِنامُ السُّكُوتِ أفضلُ من ... خَوْضٍ وإنْ كنتَ بالكلام فصيحا

عَبَدان بن عُثمان، عن ابن المبارك أنّه كان يتمثَّل:

وكيف تحبُّ أن تُدعى حليمًا ... وأنتَ لكلّ ما تَهْوَى ركوبُ

وتضحكُ دائمًا ظهرًا لبطنٍ ... وتَذْكرُ ما عملت فلا تتوب

العبدُ عبدُ النَّفْس في شَهَواتها ... والحُرّ يشبع مرة ويجوع

وسُمع ابن المبارك وهو يُنشد فوق سور طَرَسُوس:

ومِن البلاءِ وللبلاءِ علامةٌ ... أن لا يرى لك عن هواك نزوع

قال أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعِجْلِيُّ: حَدَّثَنِي أَبِي قال: لما احتضر ابن المبارك جَعَلَ رجُلٌ يلقِنُه: قل لا إله إلا الله، وأكْثَرَ عليه، فقال: لستَ تُحِسن وأخاف أن تؤذي مسلمًا بعدي إذا لقَّنْتني فقلت: لا إله إلا الله ثمّ لم أُحدِث كلامًا بعدها فَدَعْني، فإذا أحدثْتُ كلامًا بعْدَها فلقِّنِّي حتّى تكون آخر كَلامي2.

وقيل إنّ الرشيد لما بَلَغَه موتُ ابن المبارك قال: مات اليوم سيّدُ العلماء.

قال عَبَدان بن عثمان: خرج عبد الله إلى العراق أول شيء سنة إحدى وأربعين ومائة، ومات بِهِيت وعَانَات في رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة.

وقال حسن بن الربيع: قال لي ابن المبارك قبل أن يموت: أنا ابن ثلاثٍ وستين.

وقال أحمد بن حنبل: ذهبتُ لأسمع من ابن المبارك فلم أُدْرِكْه، وكان قد قدِم فخرج إلى الثِّغْر ولم أره.

قال محمد بن فُضَيْلِ بن عياض: رأيت ابن المبارك في النوم فقلت: أي العمل أفضل؟ قال: الأمر الذي كنتُ فيه. قلت: الرباط والجهاد؟ قال: نعم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015