قال السَّرَاج الثَّقفيّ: أنشدني يعقوب بن محمد لابن المبارك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أبإذن نزلت بي يا شيب ... أي عيش وقد نزلت يطيب
وكفى الشيب واعظًا غير أني ... آمل العيش والممات قريب
كم أنادي الشباب إذ بان مني ... وندائي موليًا ما يجيب
وله:
يا عائب الفقر ألا تزدجر ... عيب الغنى أكثر لو تعتبر
من شرف الفقر ومن فضله ... على الغنى إنّ صح منك النظر
إنك تعصي لتنال الغنى ... وليس تعصي الله كي تفتقر
وقال حِبّان بن موسى: سمعتُ عبد الله بن المبارك ينشد:
كيف القرارُ وكيف يهدأُ مسلمٌ ... والمسلماتُ مع العدوّ الْمُعْتَدِي
الضاربات خدودهن برنة ... الداعيات نبيهن محمد
القائلات إذا خشين فضيحة ... جهد المقالة ليتنا لم نولد
ما تستطيع وما لها من حيلة ... إلا التستر من أخيها باليد
وله:
كل عيش قد أراه نكرًا ... غير ركز الرمح في فيِّ الفرس
وركوبي في ليال في الدجى ... أحرس القوم وقد نام الحرس
أبو إسحاق الطّالقانيّ قال: كنّا عند عبد الله فانهد القهندز، فَأُتي بسِنَّيْن، فوُجد وزن أحدَيْهما مَنَوان، فقال عبد الله بن المبارك رحِمَه الله:
أُتِيتُ بسنين قد رمتا ... من الحِصْن لمّا أثاروا الدَّفينا
على وزْن مَنْوَيْنِ إحداهُما ... تُقِلُّ به الْكَفُّ شيئًا رَزينا
ثلاثون سِنّا على قَدْرِها ... تباركْتَ يا أحسَنَ الخالقِينا
فماذا يقومُ لأفواهها ... وما كان يملأ تلك البطونا
إذا ما تذكرتُ أجسامهم ... تَصَاغَرَتِ النَّفسُ حتّى تَهُونا