المحروقة بالكعبة نادى بأعلى صوته: يا أصحاب القبور المشيَّدة اذكروا ظُلْمة القُبُور الموحشة، يا أهل التنعم والتلذذ اذكروا الذود والصَّديد، وبلاء الأجسام في التراب. ثمّ غلبه عيّه فنام1.

أخبرنا إسحاق الأسَديّ، أنا ابن جميل، أنا الكاغديّ، أنا أبو عليّ، أنا أبو نُعَيم، نا سُليمان بن أحمد، نا إسحاق الخُزاعيّ، نا الزُّبَير بن بكّار، ثنا سُليمان بن محمد بن يحيى: سمعتُ عبد الله بن عبد العزيز العُمريّ يقول: قال لي موسى بن عيسى: ينهى إلى المؤمنين أنك تشتمه وتدعو عليه، فبأيّ شيء استجزتَ ذلك؟ قلت: أمّا شَتْمُهُ فهو واللهِ أكرم عليّ من نفسي، لقرابته من رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأما الدُّعاء عليه فوالله ما قلت الَّلهُمّ إنّه قد أصبح عِبئًا ثقيلا على أكتافنا، ولا تطيقه أبداننا، وقذى في جُفُوننا، لا تطرف عليه جفوننا، وشجيً في أفواهنا لا تسيغه حُلُوقَنا، فاكفنا مئونته، وفرِّقْ بيننا وبينه. ولكن قلت: الَّلهُمّ إنْ كان تَسَمَّى بالرشيد ليُرشِد فأرشِدْهُ، أو لغير ذلك فراجِعْ به. الَّلهُمّ إنْ له في الإسلام بالقياس على كلّ مؤمن حقًّا، وله بنبيّك قرابة ورحِم، فقرّبْه من كلّ خير، وباعِدْه من كل سوء. وأسْعِدْنا به، وأصْلِحْه لنفسه ولنا.

فقال موسى: رحِمك الله أبا عبد الرحمن كذلك لعمري الظن بك2.

أَنْبَأَنَا ابْنُ سَلامَةَ، عَنْ أَبِي الْفَضَائِلِ عَبْدِ الرَّحِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، أَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ أَخْبَرَهُمْ، أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْحَافِظُ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ الشّرِينِيُّ، نا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ، نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ، عَنْ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الزَّبَانِيَةُ أَسْرَعُ إِلَى فَسَقَةِ الْقُرْآنِ مِنْهُمْ إِلَى عَبَدَةِ الأَوْثَانِ، فَيَقُولُونَ: يُبْدَأُ بِنَا قَبْلَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ. فيقال: ليس من علم كمن لم يَعْلَمُ"3، تَفَرَّدَ بِهِ الْعُمَرِيُّ، وَهُوَ خَبَرٌ مُنْكَرٌ، وَشَيْخُ الطَّبَرَانِيِّ لا أَعْرِفُهُ.

قال مُصْعَب الزُّبَيري: مات العُمريّ سنة أربعٍ وثمانين ومائة، وله ست وستون سنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015