وكان علّامة الأدب، ونسّابة العرب.
أقام بخُوَارَزْم تُضْرَب إليه أكباد الإبل، ثمّ خرج منها إلى الحجّ، وأقام برهةً من الزمان بالحجاز حتّى هبّت على كلامه رياح البادية، ثمّ انكفأ راجعًا إلى خُوَارَزْم.
ولم يتّفق أنّي لقيته، وكتبت من شِعْره عَنْ جماعةٍ من أصحابه.
ومات ليلة عَرَفَة.
وقال القاضي ابن خَلِّكان: كان إمام عصره، له التّصانيف البديعة، منها "الكشّاف"، ومنها "الفائق" في غريب الحديث، ومنها كتاب "أساس البلاغة"، وكتاب "ربيع الأبرار وفصوص الأخبار"، وكتاب "تشابُه أسماء الرُّواة"، وكتاب "النصائح الكبار"، وكتاب "ضالة الناشد"، و"الرائض في الفرائض"، و"المنهاج" في الأصول، و"المفصل".
وسمعت بعض المشايخ يحكي أنّ رِجْله سقطت وكان يمشي على جارِف خَشَب، وسقطت من الثّلج.
وقيل إنّه سُئل عَنْ قَطْع رِجْله، فقال: سببه دعاء الوالدة.
كنت في الصِّغَر اصطدْتُ عصفورًا وربطه بخيط في رجْله، فطار، ودخل في حَرف، فجذبتُه، فانقطعت رِجْله، فتألّمت أمّي.
وقالت: قطع الله رِجْلك كما قطعتَ رِجْله.
فلمّا كبرتُ ورحلنا إلى بُخَارَى سقطت عَن الدّابَّة، وانكسرت رِجْلي، وعَمِلَتْ عملًا أوجب قطعها.
وكان متظاهرًا بالاعتزال، وقد استفتح "الكشّاف" بالحمد لله الّذي خلْق القرآن؛ فقالوا له: متى تركته هكذا هجره الناس.
فغيرها بـ: جَعَلَ القرآن. وهي عندهم بمعنى خَلَق.
ومن شِعْره يرثي شيخه أبا مُضَر منصور:
وقائلة: ما هذه الدرر الّتي ... تَسَاقَطُ من عينيك سِمْطَين سَمْطَين؟
فقلت: هو الدّرّ الّذي كان قد حشا ... أبو مضر أذني تساقط مع عيني