إقامة ابن الصبّاح بقلعة ألَمُوت:
ودخل ابن الصّبّاح خراسان وكاشغر، والنّواحي، يطوف عَلَى قومٍ يضلهم، فلمّا رأى قلعة أَلَمُوت بقزوين أقام هناك، طمع في إغوائهم، ودعاهم في السر، وأظهر الزُّهد، ولبس المُسُوح، فتبعه أكثرهم. وكان نائب أَلَمُوت رجلًا أعجميًّا عَلَويًّا، فيه بَلَهٌ وسلامة صدرٍ، وكان حسن الظن بالحسن، يجلس إليه، ويتبرك فيه. فلما أحكم الحسن أمره دخل يومًا على العلوي فقال: أخرج من هذه القلعة. فتبسم، وظنه يمزح، فأمر الحَسَن بعض أصحابه فأخرجوه، وأعطاه ماله. فبعث نظام الملك لمّا بلغه الخبر عسكريًّا، فنازلوه ضايقوه، فبعث من قتل نظام الملك، وترحّل العسكر عَنْ أَلَمُوت. ثمّ بعث السلطان محمد بْن ملكشاه العسكر وحاصروه. ومن جملة ما استولوا عَلَيْهِ من القلاع: قلعة طَبَس، وزوزن، وقاين، وسيمكوه. وتأذّى بهم أهل البلد، واستغاثوا بالسّلطان، فبعث عسكرًا حاصروه ثمانية أشهر، وفُتحت، وقُتِل كلّ من فيها. ولهم عدّة قلاعٍ سوى ما ذكرنا. قَالَ: وكان تيرانشاه ابن تورانشاه بْن قاروت بك السَّلْجُوقيّ بكرْمان قد قتل الإسماعيليّة الأتراك أصحاب الأمير إسماعيل، وكانوا قومًا سُنّة، قتلَ منهم ألفي رَجُل صبْرًا، وقطع أيدي ألفَيْن، ونفق عَلَيْهِ أبو زُرْعة الكاتب، فحسّن لَهُ مذهب الباطنيّة، فأجاب. وكان عنده الفقيه أحمد بْن الحُسين البلْخيّ الحنفيّ، وكان مُطاعًا في النّاس، فأحضره عنده ليلةً، وأطال الجلوس، فلما خرج أَتْبَعه من قتله فلمّا أصبح دخل عَلَيْهِ النّاس، وفيهم صاحب جيشه، فقال: أيُّها الملك، من قتل هذا الفقيه؟ فقال: أنت شِحْنةُ البلد، تسألني مَن قتل هذا! وأنا أعرف قاتله!، ونهض. ففارقه الشِّحْنَة في ثلاثمائة فارس، وسار من كرْمان إلى ناحية إصبهان. فجهز الملك خلفه ألفي فارس فقاتلوهم وهزمهم، وقدم إصبهان وبها السلطان محمد فأكرمه. وأمّا عسكر كرْمان، فخرجوا على تيرانشاه، وطردوه عَنْ مدينة بردشير الّتي هِيَ قصبة كرمان، وأقاموا عليهم ابن عمّه أرسلانشاه. وأمّا تيرانشاه فالتجأ إلى مدينة صغيرة، فمنعته أهلها وحاربوه، وأخذوا خزائنه ثمّ تبعه عسكره، فأخذوه، وأخذوا أبا زُرْعة، فقتلهما أرسلان شاه.