يكاد لهن المستجن بطيبةٍ ... ينادي بأعلى الصوت: يا آل هاشم
أرى أُمتي لا يشرعون إلى العدى ... رماحهم، والدين واهي الدعائم
ويجتنبون النار خوفًا من الردى ... ولا يحسبون العار ضربة لازم
أترضى صناديد الأعاريب بالأذى ... وتغضي على ذلِّ كماة الأعاجم
فليتهم لم يردوا حمية ... عن الدين ضنوا غيرة بالمحارم
رواية سبط ابن الجوزي:
قَالَ أَبُو المظفّر سبط ابن الْجَوْزيّ: سارت الإفرنج ومقدمهم كُنْدفْري في ألف ألف، بينهم خمسمائة ألف مقاتل، عملوا برجين من خشب مُطلين عَلَى السور، فأحرق المسلمون البرج الّذي كَانَ بباب صهيون، وقتلوا من فيه، وأمّا الآخر فزحفوا بِهِ حتى ألصقوه بالسور وحكموا بِهِ عَلَى البلد وكشفوا من كَانَ بإزائهم، ورموا بالمجانيق والسّهام رمية رجلٍ واحدٍ، فانهزم المسلمون من السور. قلت: هذه مجازفة بينة، بل قَالَ ابن منقذ: إنّ جزءًا كَانَ بخيل، وإن قومًا وقفوا عَلَى سورها بأمر الوالي في مضيق لا يكاد يعبر منه إلّا واحدٌ بعد واحد.
قَالَ: فكان عدد خيلهم ستة آلاف ومائة فارس، والرجالة ثمانية وأربعون ألفًا. ولم تزل دار الإسلام منذ فتحها عُمَر -رضى الله عنه. وكان الأفضل لما بلغه نزولهم عَلَى القدس تجهز وسار من مصر في عشرين ألف، فوصل إلى عسقلان ثاني يوم الفتح، ولم يعلم. وراسل الإفرنج.
قَالَ ابن الأثير: فأعادوا الرَّسُول بالجواب، ولم يعلم المصريون بشيء فبادلوا السلاح بالخيل، وأعجلتهم الإفرنج فهزموهم، وقتلوا منهم من قُتِل، وغنموا خيامهم بما فيها. ودخل الأفضل عسقلان، وتمزق أصحابه. فحاصرته الإفرنج بعسقلان، فبذل لهم ذهبًا كثيرًا، فردوا إلى القدس. قال أبو يعلى بن القلانسيّ: قتلوا بالقدس خلقًا كثيرًا وجمعوا اليهود في الكنيسة وأحرقوها عليهم، وهدموا المساجد.
ابتداء دولة محمد بْن ملكشاه:
وفيها ابتداء دولة محمد بن ملكشاه. لمّا مات أبوه ببغداد سار مَعَ أخيه محمود والخاتون تركان إلى إصبهان، ثمّ إنّ أخاه بَركيَارُوق أقطعه كنجة، وجعل لَهُ أتابكًا،