خمسة دراهم، وقال: يا حُسَين، ليس معي إلّا هذا، خُذ واشترِ ما شئت، ولا تطلب بعد هذا منّي شيئًا. فخرجنا على التّجريد، وفتح الله لنا.

سمعتُ شهردار بن شيروَيْه بهَمَذَان يقول: سمعتُ منصور بن أحمد الإسفزاري، وسأله أبي، فقال: سمعتُ أبا المظفّر السّمعانيّ يقول: كنتُ على مذهب أبي حنيفة، فبدا لي أن أرجع إلى مذهب الشّافعيّ، وكنتُ متردّدًا في ذلك. فحججْتُ، فلمّا بلغت سميراء، رَأَيْت ربّ العِزّة فِي المنام، فقال لي: عُدْ يا أبا المظفّر. فانتبهت، وعلمتُ أنّه يريد مذهب الشّافعيّ، فرجعتُ إلى مذهب الشّافعيّ1.

وقال الحسين بن أحمد الحاجيّ: خرجتُ مع الإمام أبي المظفّر إلى الحجّ، فكلّما دخلنا بلدةً نزل على الصُّوفيّة، وطلب الحديث من المشيخة. ولم يزل يقول في دعائه: اللهمّ بيّن لي الحقّ من الباطل. فلمّا دخلنا مكّة، نزل على أحمد بن عليّ بن أسد، ودخلتُ في صُحْبة سعْد الزَّنْجانيّ، ولم يزل معه حتّى صار ببركته من أصحاب الحديث. فخرجنا من مكّة، وتركنا الكُلّ، واشتغل هو بالحديث2.

قرأتُ بخطّ أبي جعفر الهِمَذَانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المظفّر يقول: كنت في الطّواف، فوصلتُ إلى الملتَزَم، وإذا برجلٍ قد أخذ بطرف ردائي، فالتفت، فإذا بالإمام سعْد الزَّنْجانيّ، فتبسّمت إليه، فقال: أما ترى أين أنت؟ هذا مقام الأنبياء والأولياء. ثمّ رفعَ طرْفه إلى السّماء وقال: اللهمّ كما أوصلته إلى أعزّ المكان، فأعطه أشرف عزٍّ في كلّ مكان وزمان. ثمّ ضحك إليَّ، وقال لي: لا تخالفني في سِرّك، وارفع معي يدك إلى ربِّك، ولا تقولنّ البتّة شيئًا، واجمع لي همّتك، حتّى أدعو لك، وأَمِّن أنتَ، ولا تخالفني عهَدَك القديم.

فبكيتُ، ورفعتُ معه يدي، وحرَّك شفتيه، وأمَّنت.

ثمّ قال: مُرْ في حفْظ الله، فقد أُجِيب فيك صالح دُعاء الأُمّة.

فمضيت من عنده، وما شيءٌ في الدّنيا أبغض إليَّ من مذهب المخالفين.

قرأتُ بخطّ أبي جعفر أيضًا: سمعتُ الإمام أوحد عصره في علمه أبا المعالي الْجُوَيْنيّ يقول: لو كان من الفقه ثوبًا طاويا لكان أبو المظفّر بن السمعاني طرازة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015