وستين وأربعمائة. واضطّرب أهل مرْو لذلك، وتشوَّش العَوَامّ، إلى أن وردت الكتب من جهة بلكا بك من بلْخ في شأنه والتّشديد عليه، فخرج من مرْو في أوّل رمضان، ورافقه ذو المجدين أبو القاسم المُوسَويّ، وطائفة من الأصحاب. وخرج في خدمته من الفقهاء وصار إلى طُوس، وقصد نَيْسابور، فاستقبله الأصحاب استقبالًا عظيمًا.
وكان في نوبة نظام المُلْك وعميد الحضرة أبي سعد محمد بن منصور، فأكرموا مورده، وأنزلوه في عزٍّ وحِشْمة، وعقد له مجلس التّذكير في مدرسة الشّافعيّة.
وكان بحرًا في الوعْظ، حافظًا لكثير من الرّوايات والحكايات والنُّكَت والأشعار، فظهر له القبول عند الخاصّ والعامّ.
واستحكم أمره في مذهب الشّافعيّ ثمّ عاد إلى مرْو، ودرّس بها في مدرسة أصحاب الشّافعيّ، وقدّمه نظام المُلْك على أقرانه، وعلا أمرُه، وظهر له الأصحاب. وخرج إلى إصبهان، ورجع إلى مرْو. وكان قبوله كلَّ يومٍ في عُلُوّ. واتّفقت له تصانيف في الخلاف مشهورة، مثل كتاب "الاصطلام"، وكتاب "البرهان"، و"الأمالي" في الحديث. وتعصب للسُّنّة والجماعة وأهل الحديث. وكان شوكًا في أعيُن المخالفين، وحُجّةً لأهل السُّنّة.
قال أبو سعْد1: صنَّف في التّفسير، والفقه، والأصول، والحديث، "فالتفسير" في ثلاث مجلدات، وكتاب "البرهان" و"الاصطلام " الّذي شاع في الأقطار، وكتاب "القواطع" في أصول الفقه.
وله في الآثار كتاب "الانتصار" و"الرد على المخالفين"، وكتاب "المنهاج لأهل السنة"، وكتاب "القدر".
وأملى قريبًا من تسعين مجلسًا2.
وسمعتُ بعض المشايخ يحدّث عن رفيق جدّي في الحجّ الحُسَين بن الحسن الصُّوفيّ قال: اكْترينا حمارًا ركِبه الإمام أبو المظفّر إلى خَرَق، وهي ثلاثة فراسخ من مرو، فنزلها بها، وقلت: ما مَعَنَا إلّا إبريق خَزَف، فلو اشترينا آخر. فأخرج من جيبه