في أربعين ألف فارس، وكتبَ إلى ابن تاشَفين يتهدّده، فكتب ابن تاشَفين جوابه في ظهر كتابه: "الّذي يكون سَتَراه". وردّه إليه. فلمّا وقف عليه ارتاع لذلك، وقال: هذا رجل عازم.

ثمّ سارَ حزبُ الإسلام وحزبُ الصّليب والتقى الْجَمْعَان بالزّلّاقة من بلد بَطَلْيُوس، فكانت ملحمةً كبرى، وهزم الله الأذفونش، بعد استئصال عسكره، ولم يَسْلَم معه سوى نفرٍ يسير. وذلك في يوم الجمعة من رمضان سنة تسعٍ وسبعين.

وأصاب المعتمدَ جراحاتٌ في وجهه وبدنه، وشهدوا له بالشّجاعة، وغنم المسلمون شيئًا كثيرًا1.

وعاد ابن تاشَفين إلى بلاده. ثمّ إنّه في العام المقبل، عدَّى إلى الأندلس، وتلقّاه المعتمد، وحاصرا بعض حصون الفرنج، فلم يقدروا عليها، فرحل ابن تاشَفين، ومر بغرناطة إليه صاحبها عبد الله بن بُلُكِّين تقادُم سَنِيّه، وتلقّاه، فغدر به ابن تاشَفين، ودخل بلده وقصره، وأخذ منه ما لا يُحصى، ثمّ رجع إلى مَرّاكش، وقد أعجبه حَسْن الأندلس وبساتينها وبُناها ومطاعمها الّتي لا توجد بمَرّاكش، فإنّها بلاد بربر وأجْلاف العُربان. وجعل خواصُّ ابن تاشَفين يُعظِّمون عنده الأندلس، ويُحسِّنون له أخذها، ويُغْرون قلبه على المعتمد بأشياء2.

وقال عبد الواحد بن عليّ المَرّاكشيّ في "تاريخه": غلبَ المعتمد على قُرْطُبة في سنة إحدى وسبعين، فأخرج منها ابن عُكّاشة، ثمّ رجع إلى إشبيلية؛ واستخلف عليها ولده عبّادًا، ولقّبه المأمون.

وفي سنة تسعٍ وسبعين جاز المعتمد البحرَ إلى مَرّاكش مستنصرًا بيوسف بن تاشَفِين على الرُّوم، فَلَقِيه أحسن لقاء، وأسرع إجابته وقال: أنا أول منتد لنِصْرة الدّين.

فرجع مسرورًا، ولم يدرِ أنّ تدميره في تدبيره، وسلَّ سيفًا عليه لا له.

فأخذ ابن تاشَفِين في أُهْبة العبور إلى الأندلس، واستنفر النّاس، وعبر في سبعة آلاف فارس، سوى الرّجّالة، ونزل الجزيرة الخضراء، وتلقاه المعتمد، وقدم له تحفًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015