عالمًا، ذكيًّا، أديبًا، شاعرًا مُحْسِنًا، وكان أندى الملوك راحةً، وأَرْحَبَهم مساحةً، كانت حضرته مَلْقَى الرّحال، وموسم الشُّعراء، وقِبلة الآمال ومَأْلَفَ الفُضَلاء.

وشِعره في غاية الحُسْن، وهو مدوَّن موجود.

قال أبو بكر محمد بن عيسى اللَّخْميّ الدّانيّ المعروف بابن اللّبّانة الشّاعر: ملك المعتمد بن مسوَّرات البلاد ما بين أمصارٍ ومُدُنٍ وحصون مائتي مسوَّر وإحدى وثلاثين مسوَّرًا. وخُلِع من ملكه عن ثمانمائة سريّة1، ووُلِد له مائةٌ وثلاثةٌ وسبعون ولدًا.

وكان راتبه كل يومٍ ثمانمائة رِطْل لحم. وكان له ثمانية عشر كاتبًا.

وذكر القاضي شمس الدين ابن خلكان2، قال: كان الأذفونش بن فرذلَنْد ملك الفرنج بالأندلس قد قوي أمُره، وكانت ملوك الطّوائف من المسلمين بجزيرة الأندلس يصالحونه، ويؤدُّون إليه ضريبة، ثمّ إنّه أخذ طليطلة في سنة ثمانٍ وسبعين وأربعمائة بعد حصارٍ شديد، وكانت للقادر بالله بن ذي النُّون. وكان المعتمد مع كونه أكبر ملوك الجزيرة يؤدي الضريبة للأذفونش، فلمّا ملك الكلب طُلَيْطُلَة قويت نفسه، ولم يقبل ضريبة المعتمد، وأرسل إليه يتهدده ويقول: تنزل عن الحصون الّتي بيدك، ويكون لك السَّهْل.

فضربَ المعتمدُ الرسولَ، وقتلَ من كان معه. فبلغ الأدفونش الخبر وهو متوجهٌ لحصار قُرْطُبة، فرجع إلى طُلَيْطُلَة لأخْذ آلات الحصار، فأتى المشايخ والعلماء إلى أبي عبد الله محمد بن أدهم، وفاوضوه فيما نزل بالمسلمين، فاجتمع رأيهم أن يكتبوا إلى الأمير أبي يعقوب يوسف بن تاشَفين صاحب مرّاكش، يستنجدونه ليُعدّي بجيوشه إلى الأندلس، ويُنجد الإسلام. واجتمع القاضي بالمعتمد على الله، وأعلمه بما جرى فقال: مَصْلَحَة3.

ثمّ، إنّ ابن تاشَفين نزل سَبْتَة، وأمر جيشه، فعبروا إلى الجزيرة الخضراء، ولمّا تكامل له جُنْدُه عبرَ هو في السّاقة. ثمّ إنّه اجتمع بالمعتمد. وقد عرض المعتمد عساكره. وأقبل المسلمون من كلّ النّواحي طلبًا للجهاد. وبلغ الأذفونش الخبر فخرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015