ماكولا أخذ عليه في كتابه "المؤتنف"، وصنَّف في ذاك تصنيفًا، وحضَر عنده ابن ماكولا، سأله الخطيب عن ذلك، فأنكر ولم يُقِرّ به وأصرّ على الإنكار، وقال: هذا لم يخطر ببالي.

وقيل: إنّ التّصنيف كان في كُمّه، فلمّا مات الخطيب أظهره ابن ماكولا، وهو الكتاب الّذي سمّاه "مستمرّ الأوهام"1.

قلت: لي نسخة به، وهو كتاب نفيس، يدلّ على تبحُّر مصنِّفه وإمامته.

قال ابن طاهر: سمعتُ أبا إسحاق الحبّال يمدح أبا نصر بن ماكولا ويُثْني عليه، ويقول: دخل مصر في زِيّ الكَتَبَة، فلم نرفع به رأسًا، فلمّا عرفناه كان من العلماء بهذا الشّأن.

وقال أبو سعد السمعاني: كان لبيبًا، عالمًا، عازفًا، حافظًا، ترشّح للحفظ، حتّى كان يقال له الخطيب الثّاني. وصنَّف كتاب "المؤتلف والمختلف" وسمّاه كتاب "الإكمال". وكان نحْويًّا، مجوّدًا، وشاعرًا مبرّزًا جَزْلَ الشِّعْر، فصيح العبارة، صحيح النَّقل، ما كان في البغداديّين في زمانه مثله. رحل إلى الشام، والسواحل، وديار مصر، والجزيرة، والحبال، وخُراسان، وما وراء النّهر. وطاف الدّنيا وجال في الآفاق ورجع إلى بغداد وأقام بها2.

وقال ابن النّجّار: أحبَّ العِلْمَ منذ صِباه، وطلب الحديث، وكان يُحضر المشايخ إلى منزله، وسمع منهم. ورحل إلى أن برع في الحديث، وأتقن الأدب. وله النَّظم والنَّثْر والمصنَّفات.

وأنفذه المقتدي بأمر الله رسولًا إلى سَمَرْقَنْد وبُخَارى، لأخذ البَيْعة له على ملكها طَمْغان الخان.

روى عنه: الخطيب، والفقيه نصر، والحُمَيْديّ، وأبو محمد الحسن بن أحمد السَّمَرْقَنْديّ، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وشجاع الذُّهْليّ، ومحمد بن طرْخان، وأبو عليّ محمد بن محمد بن المهديّ، وإسماعيل بن السَّمَرْقَنْديّ، وعليّ بن عبد الله بن عبد السلام، وآخرون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015