وأعاده إلى الوزارة، وبقي إلى أن عُزِل في أول سنة سبعين، فإن السعادة سَعَت بينه وبين نظام المُلْك وزير السّلطان، فكلَّف النّظّام السّلطان إن يكتب إلى الخليفة يطلب منه أن يعزل ابن جَهير، فعزله. ثمّ صارت الوزارة إلى ولده عميد الدّولة.

قال محمد بن أبي نصر الحُمَيْديّ: حدَّثني أبو الحسن محمد بن هلال بن الصّابئ: حدثني الوزير فخر الدولة بن جهير: حدَّثني نصير الدّولة أبو نصر صاحب آمِد وميافارقين قال: كان بعض مقدَّمي الأكراد معي على الطّبق، فأخذت حجلةً مَشْوِيّة، فناولته، فأخذها وضحِك.

فقلتُ: ممّ تضحك؟ قال: خبرٌ.

فألححت عليه، ودافع عن الجواب، حتّى رفعت يدي وقلت: لا آكل حتّى تعرّفني.

فقال: شيء ذكَّرَتْنيه الحجْلة، كنتُ أيّام الشّباب قد أخذت تاجرًا وما معه، وقرَّبته لأذبحه خوفًا من غائلته، فقال: يا هذا أخذتَ مالي، فَدَعني أرجع إلى عيالي فأكدّ عليهم، وبكى وتضرَّع إليَّ، فلم أرقّ له، فلمّا آيس من الحياة التفتَ إلى حجْلين على جبلٍ وقال: اشهدا لي عليه عند الله أنّه قاتلي ظُلْمًا. فقتلته فلمّا رأيت الحجلة الآن ذكرت حمقه في استشهاده الحجل عليَّ.

قال ابن مروان: فحين سمعت قوله اهتززت حتّى ما أملك نفسي، وقلت: قد والله شهدت الحجلتان عليك عند مَن أقادك بالرجل، وأمرتُ بأخْذه، وكتّفوه، ثمّ ضُرِبت رقبته بين يدي، فلم آكل حتّى رأيتُ رأسَه يتبرّأ من بدنه.

قلتُ للوزير: قد والله ذكر التّنُوخيّ في كتاب "النّشْوار"1 مثل هذه الحكاية بعينها، عن الراسبي عامل خورسان، لا تزيد حرفًا، ولا تنقص حرفًا، وعَجِبْنا من اتفاق الحكايتين.

تُوُفّي فخر الدّولة في يوم الثّلاثاء ثامن صفر سنة ثلاثٍ بالموصل.

106- محمد بن المؤمّل بن محمد بن إسحاق2.

أبو صالح النيسابوري البشتي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015