قال: وسمعتُ القاضي أبا بكر محمد بن القاسم الشَّهرزوريّ بالمَوْصل يقول: كان شيخنا أبو إسحاق إذا أخطأ أحدُ بين يديه قال: أيُّ سكتةٍ فاتَتْك وكان يتوسوس.
سمعتُ عبد الوهّاب الأنماطيّ يقول: كان أبو إسحاق يتوضأ في الشّطّ، وكان يشك في غَسْل وجهه، حتّى غسّله مرات، فقال له رجل: يا شيخ، أما تستحيي، تغسل وجهك كذا وكذا نَوْبَة؟ فقال له: لو صحّ لي الثلاث ما زدتّ عليها.
قال السّمعانيّ: دخل أبو إسحاق يومًا مسجدًا ليتغذّى على عادته، فنسي دينارًا معه وخرج، ثمّ ذكر، فرجع، فوجده، ففكّر في نفسه وقال: ربّما وقع هذا الدّينار من غيري، فلم يأخذه وذهب1.
وبَلَغَنَا أنّ طاهرًا النَّيسابوري خرَّج للشّيخ أبي إسحاق جزءًا، فكان يذكر في أوّل الحديث: أنا أبو عليّ بن شاذان، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أحمد البزّاز، وفي آخر: أنا الحَسَن بن أبي بكر الفارسي، فقال: من هذا؟ قال: هو ابن شاذان، فقال: ما أريد هذا الجزء. هذا فيه تدليس، والتّدليس أخو الكذِب2.
وقال القاضي أبو بكر الأنصاريّ: أتيت الشَّيخ أبا إسحاق بفُتْيا في الطّريق، فناولته، فأخذ قلم خبّازٍ ودَوَاته، وكتب لي في الطريق، ومسح القلم في ثوبه3.
قال السّمعانيّ: سمعتُ جماعة يقولون: لمّا قدِم أبو إسحاق رسولًا إلى نَيْسابور، تلقّاه النّاسُ لمّا قدِم، وحَمَلَ الإمام أبو المعالي الْجُوَيْنيّ غاشيةَ فرسِهِ، ومشى بين يديه، وقال: أنا أفتخر بهذا.
وكان عامّة المدرّسين بالعراق والجبال تلامذتَه وأشياعَه وأتباعه، وكفاهم بذلك فَخْرًا. وكان يُنِشد الأشعار المليحة ويُوردُها، ويحفظ منها الكثير.
وصنَّف "المهذّب" في المذهب، و"التّنبيه"، و"اللُّمع" في أصول الفقه، و"شرح اللُّمع"، و"المعونة في الجدل"، و"الملخَّص في أصول الفقه"، وغير ذلك.
وعنه قال: العلم الذي لا ينتفع به صاحبه، أن يكون الرجل عالمًا، ولا يكون عاملًا.