إلى أن قال: حدَّثنا عنه جماعة كثيرة.
وحُكي عنه أنّه قال: كنتُ نائمًا ببغداد، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَعَهُ أبو بكر وعمر، فقلت: يا رسول الله بلغني عنك أحاديث كثيرة عن ناقلي الأخبار، فأريد أن أسمع منك خبرًا أتشرَّف به في الدنيا، وأجعله ذخيرةً للآخرة.
فقال: يا شيخ، وسمّاني شيخًا وخاطبني به، وكان يفرح بهذا. ثمّ قال: قُلْ عنّي: مَن أراد السّلامة فلْيَطْلُبْها في سلامة غيره1.
رواها السّمعانيّ، عن أبي القاسم حَيْدَر بن محمود الشّيرازيّ بمرْو، أنّه سمع ذلك من أبي إسحاق.
وورد أنّ أبا إسحاق كان يمشي، وإذا كلبٌ، فقال فقيهٌ معه: اخسأ. فنهاه الشّيخ، وقال: لِمَ طَرَدْتَه عن الطريق؟ أما علِمت أنّ الطريق بيني وبينه مشتركٌ؟
وعنه قال: كنتُ أشتهي ثَرِيدًا بماء باقِلّاء أيّام اشتغالي، فما صحَّ لي أكلةٌ، لاشتغالي بالدّرس، وأخْذي النَّوبة2.
قال السَّمعانيّ: قال أصحابنا ببغداد: كان الشّيخ أبو إسحاق إذا بَقِي مدّةً لا يأكل شيئًا صعِد إلى النَّصريّة، فله فيها صديق، فكان يثرد له رغيفًا، ويشربه بماء الباقِلّاء. فربما صعِد إليه، وقد فرغ، فيقول أبو إسحاق: {تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ} [النازعات: 12] . ويرجع3.
قال أبو بكر الشّاشيّ: الشّيخ أبو إسحاق. حجة الله تعالى على أئمّة العصر.
وقال الموفّق الحنفيّ: أبو إسحاق، أمير المؤمنين فيما بين الفقهاء.
قال السَّمعانيّ: سمعتُ محمد بن عليّ الخطيب: سمعتُ محمد بن يوسف الفاشانيّ بمرْو، وسمعت محمد بن محمد بن هانئ القاضي يقول: إمامان ما اتَّفق لهما الحَجّ: أبو إسحاق، والقاضي أبو عبد الله الدّامغانيّ. أما أَبُو إسحاق فكان فقيرًا، ولكن لو أيّدوه لحملوه على الأعناق، والدّامغانيّ، لو أراد الحجّ على السُّندس والإسْتَبْرَق لأَمْكَنَه.