وقال أبو بكر ابن الخاضبة: رَأَيْت كأنَّ القيامة قد قامت، وكأنّ قائلًا يقول: أين ابن الخاضبة؟ قفيل لي: أدخل الجنة. فلمَّا دخلت الباب، وصرت من داخل، استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رِجْلَيَّ على الأخرى، وقلت: آه، استرحتُ واللهِ من النَسْخ. فرفعت رأسي، وَإِذَا ببغَلَة مُسْرَجَةٍ مُلْجَمَةٍ فِي يد غلام، فقلتُ: لمن هَذِهِ؟ فقال: للشريف أبي الحسين بن الغريق.
فلمَّا كان صبيحة تلك الليلة نُعِيَ1 إلينا الشريف بأنه مات فِي تلك الليلة.
وقال أبو يعقوب يوسف الهَمَذَانيّ: كان أبو الحسين به طرَش، فكان يقرأ علينا بنفسه، وكان دائم العبادة، قرأ علينا حديث المَلَكَيْن، فبكى بُكاءً عظيمًا وأبكى الحاضرين.
وقال أُبَيّ النَّرْسِيّ: كان ثقة يقرأ للناس، وكانت إحدى عينيه ذاهبة.
وقال أبو الفضل بْن خَيْرُون: مات فِي أول ذي الحجّة.
قال: وكان صَائِمَ الدّهر زَاهدًا، وهو آخر من حدَّث عن الدَّارَقُطْنِيّ، وابن دُوَسْت. ضابط متحري، أكثر سماعاته بخطّه. ما اجتمع فِي أَحدٍ ما اجتمع فِيهِ، قَضى ستًا وخمسين سنة، وخطب ستًّا وسبعين سنة، لم يُعْرف له زَلّة.
وكانت تلاوته للقرآن أحسن شيء.
قلت: رَوَى عَنْهُ: يوسف الهَمَذَاني، وأبو بَكْر الْأَنْصَارِي، وخلق كثير، آخرهم أبو الفضل مُحَمَّد بْن عُمَر الأُرْمَويّ.
وآخر من روى عنه في الأرض بإجازة مَسْعُود الثّقفيّ، ثمّ ظهر بُطلان الإجازة.
158- مُحَمَّد بْن عَليّ بْن الْحَسَن بْن مُحَمَّد بْن أَبِي عُثْمَان عمرو بْن مُحَمَّد بْن مُنتاب2:
أبو سعد الدّقّاق الْبَغْدَادِيّ.
أكثر عن: أَبِي عُمَر بْن مَهْدِيّ، وأبي بَكْر البَرْقانيّ، وأبي علي بن شاذان، وجماعة.