اضمحلال أمر المستنصر:

واضمحلَّ أمر المستنصر وخمل ذكره، وبعث إليه ابن حمدان يطلب الأموال، فرآه الرسول جَالسًا على حصيرٍ، وليس حوله سوى ثلاثة خدم، فلما أدَّى الرسالة قال: أما يكفي ناصر الدولة أن أجلس على مثل هذه الحال؟ فبكى الرسول وعاد إلى ناصر الدولة فأخبره بالحال، فرقَّ له وأجرى له كل يومٍ مائة دينار.

وقدِمَ القاهرة وحكم فيها، وكان يظهر التسنُّن ويعيب المستنصر.

وكاتب عسكر المغاربة فأعانوه، ثم قبض على أمِّ المستنصر وصادرها، فحملت خمسين ألف دينار، وكانت قد قل ما عندها إلى الغاية.

تفرق أولاد المستنصر:

وتفرَّق عن المستنصر أولاده وكثير من أهله من القحط، وضربوا في البلاد، ومات كثير منهم جوعًا، وجرت عليهم أمورٌ لا توصف في هذه السنة بالديار المصرية من الفناء والغلاء والقتل.

وانحطَّ السعر في سنة خمس وستين.

المبالغة في إهانة المستنصر:

قال ابن الأثير: وبالغ ناصر الدولة بن حمدان في إهانة المستنصر، وفرَّق عنه عامَّة أصحابه، وكان يقول لأحدهم: إنني أريد أن أوليك عمل كذا، فيسير إليه، فلا يمكنه من العمل، ويمنعه من العود، وكان غرضه من ذلك ليخطب للقائم بأمر الله أمير المؤمنين، ولا يمكنه ذلك مع وجودهم، ففطن له الأمير إِلْدِكْز، وهو من أكبر أمراء وقته، وعلم أنه متى تمَّ له ما أراد تمكَّن منه ومن أصحابه، فأطلع على ذلك غيره من أمراء الترك.

قتل ابن حمدان:

فاتفقوا على قتل ابن حمدان، وكان قد أمن لقوته وعدم عدوه. فتواعدوا ليلةً، وجاءوا سحرًا إلى داره، وهي المعروفة بمنازل العزِّ بمصر، فدخلوا صحن الدار من غير استئذان، فخرج إليهم في غلالةٍ؛ لأنَّه كان آمنًا منهم، فضربوه بالسيوف، فسبَّهم وهرب، فلحقوه وقتلوه، وقتلوا أخويه فخر العرب، وتاج المعالي، وانقطع ذكر الحمدانية بمصر.

ولاية بدر الجمالي مصر:

فلمَّا كان في سنة سبعٍ وستين ولي الأمر بمصر بدر الجمالي أمير الجيوش، وقتل إِلْدِكْز، والوزير ابن كُدِينَه، وجماعةً، وتمكَّن من الدولة إلى أن مات.

ولاية الأفضل:

وقام بعده ابنه الأفضل1.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015