تغلُّب ابن حمدان على خصومه من جديد:

وهرب فأتى بني سنبس، وتَبِعَه فَلٌّ من أصحابه، فصاهر بني سنبس وتقوَّى بهم، فسار الجيش لحربه، فأراد أحد المقدمين أن يفوز بالظفر، فناجزه بعسكره، والتقوا فأسره ابن حمدان، وقتل طائفة من جُنْده.

ثم عدَّى إليه فرقة ثانية لم يشعروا بما تمَّ، فحمل عليهم، ورفع رءوس أولئك على الرماح، فرعبوا وانهزموا، وقتلت منهم مقتلة. وساق وكبس بقية العساكر، فهزمهم، ونهب الريف، وقطع الميرة عن مصر في البرِّ والبحر، فغلت الأسعار، وكثر الوباء إلى الغاية، ونهبت الجند دور العامَّة، وعظم الغلاء، واشتد البلاء.

رواية ابن الأثير عن الغلاء في مصر:

قال ابن الأثير: حتى إنَّ أهل البيت الواحد كانوا يموتون كلهم في ليلةٍ واحدة.

واشتدَّ الغلاء حتى حكي أنَّ امرأة أكلت رغيفًا بألف دينار، فاستبعد ذلك، فقيل: إنها باعت عروضها، وقيمته ألف دينار، بثلاثمائة دينار، واشترت به قمحًا، وحمله الحمَّال على ظهره، فنهبت الحملة في الطريق، فنهبت هي مع الناس، فكان الذي حصل لها رغيفًا واحدًا.

مصالحة الأتراك لناصر الدولة بن حمدان:

وجاء الخلق ما يشغلهم عن القتال، ومات خلق من جند المستنصر، وراسل الأتراك الذين حول ناصر الدولة في الصلح، فاصطلحوا على أن يكون تاج الملك شاذي نائبًا لناصر الدولة بن حمدان بالقاهرة يحمل إليه المال.

الحرب بين ابن حمدان وتاج الملك شاذي:

فلمَّا تقرَّر شاذي استبدَّ بالأمور، ولم يرسل إلى ابن حمدان شيئا، فسار ابن حمدان إلى أن نزل بالجيزة، وطلب الأمراء إليه فخرجوا، فقبض على أكثرهم، ونهب ظواهر القاهرة، وأحرق كثيرًا منها، فجهز إليه المستنصر عسكرًا، فبيتوه، فانهزم، ثم إنه جمع جمعًا وعاد إليهم، فعمل معهم مصافًا، فهزمهم، وقطع خطبة المستنصر بالإسكندرية ودمياط، وغلب على البلدين وعلى سائر الريف، وأرسل إلى العراق يطلب تقليدًا وخلعًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015