غَيْرُهُ. ثُمَّ قَامَ عُتْبَةُ خَطِيبًا فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا تَصْنَعُونَ بِأَنْ تَلْقَوْا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ شَيْئًا. وَاللَّهِ لَئِنْ أَصَبْتُمُوهُ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَنْظُرُ فِي وَجْهِ الرَّجُلِ يَكْرَهُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، قَتَلَ ابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ خَالِهِ أَوْ رَجُلًا مِنْ عَشِيرَتِهِ.
فَارْجِعُوا وَخَلُّوا بَيْنَ مُحَمَّدٍ وَبَيْنَ سَائِرِ الْعَرَبِ، فَإِنْ أَصَابُوُه فَذَاكَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ ذَلِكَ أَكْفَاكُمْ وَلَمْ تَعَرَّضُوا مِنْهُ مَا تُرِيدُونَ.
قَالَ حَكِيمٌ: فَأَتَيْتُ أَبَا جَهْلٍ فَوَجَدْتُهُ قَدْ شَدَّ دِرْعًا مِن جِرَابِهَا فَهُوَ يُهَيِّؤُهَا قُلْتُ: يَا أَبَا الْحَكَمِ، إِنَّ عُتْبَةَ قَدْ أَرْسَلَنِي بِكَذَا وَكَذَا. فَقَالَ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ [1] حِينَ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ. كَلَّا، وَاللَّهِ لَا نَرْجِعُ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ. وَمَا بِعُتْبَةَ مَا قَالَ، وَلَكِنَّهُ قَدْ رَأَى مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ أَكَلَةَ جَزُورٍ، وَفِيهِمُ ابْنُهُ قَدْ تَخَوَّفَكُمْ عَلَيْهِ. ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَامِرِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ فَقَالَ: هَذَا حَلِيفُكَ يريد أن يرجع بالنّاس، وقد رأيت [9 أ] ثَأْرَكَ بِعَيْنِكَ، فَقُمْ فَانْشُدْ خُفْرَتَكَ [2] وَمَقْتَلَ أَخِيكَ. فقام عامر فكشف رأسه وصرخ:
وا عمراه، وا عمراه. فَحَمِيَتِ الْحَرْبُ [3] وَحَقِبَ [4] أَمْرُ النَّاسِ وَاسْتَوْسَقُوا [5] عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الشَّرِّ. وَأَفْسَدَ عَلَى النَّاسِ رَأْيَ عُتْبَةَ الَّذِي دَعَاهُمْ إِلَيْهِ.
فَلَمَّا بَلَغَ عُتبَةَ قَوْلُ أَبِي جَهْلٍ: انْتَفَخَ وَاللَّهِ سَحْرُهُ، قَالَ: سَيَعْلَمُ مُصَفِّرٌ أُسْتَهُ [6] مَنِ انْتَفَخَ سَحْرُهُ. ثُمَّ الْتَمَسَ عُتْبَةُ بَيْضَةً لِرَأْسِهِ، فَمَا وجد في الجيش