مَا لِأَحَدٍ باللَّه مِنْ طَاقَةٍ.

فَلَمَّا نَزَل النَّاسُ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ قُرَيْشٍ حَتَّى وَرَدُوا حَوْضَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعُوهُمْ. فَمَا شَرِبَ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ إِلَّا قُتِلَ، إِلَّا مَا كَانَ مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدُ، وَكَانَ إِذَا اجْتَهَدَ فِي يَمِينِهِ قَالَ: لَا وَالَّذِي نَجَّانِي يَوْمَ بَدْرٍ.

ثُمَّ بَعَثَتْ قُرَيْشٌ عُمَيْرَ بْنَ وَهْبٍ الْجُمَحِيَّ لِيَحْزَرَ الْمُسْلِمِينَ. فَجَالَ بِفَرَسِهِ حَوْلَ الْعَسْكَرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: هُمْ ثَلَاثُمَائَةٍ يَزِيدُونَ قَلِيلًا أو ينقصونه. ولكن أمهلوني حتى انظر [أ] لِلْقَوْمِ كَمِينٌ أَوْ مَدَدٌ؟ وَضَرَبَ فِي الْوَادِي، فَلَمْ يَرَ شَيْئًا. فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: مَا رَأَيْتُ شَيْئًا. وَلَكِنْ قَدْ رَأَيْتُ- يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ- الْبَلَايَا تَحْمِلُ الْمَنَايَا، نَوَاضِحُ [1] يَثْرِبَ تَحْمِلُ الْمَوْتَ النَّاقِعَ. قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ مَنَعَةٌ وَلَا مَلْجَأٌ إِلَّا سُيُوفُهُمْ، وَاللَّهِ مَا أَرَى أَنْ يُقْتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى يَقْتُلَ رَجُلًا مِنْكُمْ، فَإِذَا أَصَابُوا مِنْكُمْ أَعْدَادَهُمْ، فَمَا خَيْرُ الْعَيْشِ بَعْدَ ذَلِكَ؟ فَرُوا رَأْيَكُمْ.

فَلَمَّا سَمِعَ حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ذَلِكَ مَشَى فِي النَّاسِ، فَأَتَى عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ فَقَالَ: يَا أَبَا الْوَلِيدِ إِنَّكَ كَبِيرُ قُرَيْشٍ وَسيدها وَالْمُطَاعُ فِيهَا، هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ لَا تَزَالُ تُذْكَرُ بِخَيْرٍ إلى آخِرِ الدَّهْرِ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ يَا حَكِيمُ؟ قال: ترجع النّاس، وَتَحْمِلُ أَمْرَ حَلِيفِكَ عَامِرِ [2] بْنِ الْحَضْرَميِّ. قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ. أَنْتَ عَلَيَّ بِذَلِكَ، إِنَّمَا هُوَ حَلِيفِي فَعَلَيَّ عَقْلُهُ وَمَا أُصِيبُ مِنْ مَالِهِ. فَائْتِ ابْنَ الْحَنْظَلِيَّةِ- وَالْحَنْظَلِيَّةُ أُمُّ أَبِي جَهْلٍ- فَإِنِّي لَا أَخْشَى أَنْ يَشْجُرَ [3] أَمْرَ النَّاسِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015