وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْتَنِي الْكَبَاثَ [1] فَقَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ فَإِنَّهُ أَطْيَبُ» قُلْنَا: وَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «نَعَمْ وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا قَدْ رَعَاهَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [2] .
قَالَ قُرَادٌ [3] أَبُو نُوحٍ: ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ وَمَعَهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَشْيَاخٌ مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا أَشْرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ [بَحِيرَى [4]] نَزَلُوا فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لا يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُمْ وَهُمْ يَحِلُّونَ رِحَالَهُمْ، حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَالَمِينَ، [هَذَا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ] هَذَا يَبْعَثُهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، فَقَالَ أَشْيَاخُ قُرَيْشٍ: وَمَا عِلْمُكَ بِهَذَا؟ قَالَ: إِنَّكُمْ حِينَ أَشْرَفْتُمْ مِنَ الْعَقَبَةِ لَمْ يَبْقَ شَجَرٌ وَلَا حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلَا يَسْجُدُونَ إِلَّا لِنَبِيٍّ لَأَعْرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ، أَسْفَلَ غُضْرُوفِ [5] كَتِفِهِ مِثْلَ التُّفَّاحَةِ. ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لهم طعاما، فلما أتاهم به [و] [6] كان- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي رِعْيَةِ الْإِبِلِ قَالَ: فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ، فَأَقْبَلَ وَعَلَيْهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ، فلما دنا