الْأَزْرَقِيُّ، حَدَّثَهُمْ سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، نا ابْنُ جريح قَالَ: كُنَّا مَعَ عَطَاءٍ فَقَالَ:
سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: «كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَطْوَلَ النَّاسِ قَامَةً، وَأَحْسَنَهُمْ وَجْهًا، مَا رَآهُ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا أَحَبَّهُ، وَكَانَ لَهُ مَفْرَشٌ فِي الْحِجْرِ لَا يَجْلِسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَلَا يُجْلِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ أَحَدٌ، وَكَانَ النَّدِيُّ مِنْ قُرَيْشٍ حَرْبُ بْنُ أُمَيَّةَ فَمَنْ دُونَهُ يَجْلِسُونَ حَوْلَهُ دُونَ الْمَفْرَشِ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ غُلَامٌ لَمْ يَبْلُغْ فَجَلَسَ عَلَى الْمَفْرَشِ، فَجَبَذَهُ رَجُلٌ فَبَكَى، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ- وَذَلِكَ بَعْدَ مَا كُفَّ بصره-: ما لا بني يَبْكِي؟ قَالُوا لَهُ: إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْلِسَ عَلَى الْمَفْرَشِ فَمَنَعُوهُ، فَقَالَ: دَعُوا ابْنِي يَجْلِسْ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُحِسُّ مِنْ نَفْسِهِ شَرَفًا، وَأَرْجُو أَنْ يَبْلُغَ مِنَ الشَّرَفِ مَا لَمْ يَبْلُغْ عَرَبِيٌّ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ.
قَالَ: وَمَاتَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وَالنَّبِيُّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنُ ثَمَانِ سِنِينَ، وَكَانَ خَلْفَ جِنَازَةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَبْكِي حَتَّى دُفِنَ بِالْحَجُونِ [1] .
فَرَوَى عَمْرُو بْنُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ رَعَى الْغَنَمَ» قَالُوا: وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا على قراريط لأهل مكة» . رواه البخاري [2] .