ولمّا كان سلْخ المُحَرَّم اشتهر بالبلد أنّ الجيش مختبط، وأُغِلق باب القلعة، وتهيأ نائب السّلطنة غرْلُو وجمع الأمراء، وركب بعض العسكر على باب النَّصر، فَلَمّا كان قريب العصر وصل السّلطان الملك العادل إلى القلعة فِي خمسة مماليك فقط.
وكان قد وصل فِي أول النّهار أمير شكار مجروحا، وهو الَّذِي أعلم بالأمر، فدخل الأمراء إلى الخدمة وخُلع على جماعة، واحتيط على نواب نائب السلطنة الحسام لاجين وحواصله بدمشق.
وكان الأمر الَّذِي جرى بقرب وادي فحمة بُكْرة الإثنين ثامن وعشرين المُحَرَّم وهو أنْ حسام الدِّين لاجين قتل الأميرين بتخاص، وبكتوت الأزرق العادليَّين، وكانا شهمْين شجاعين، عزيزين عند العادل، فَلَمّا رَأَى العادل الهَوْشة خاف على نفسه، وركب فرس النِّوْبة، وساق ومعه هَؤُلَاءِ المماليك، فوصل فِي أنحس تقويم، كأنّه مقدم من الحلقة وعليه غبرة، ودوابهم قد شعثت وكَلّتَ، والسعادة قد ولت عَنْهُ [1] .
وأما لاجين فساق بالخزائن، وركب فِي دَسْت المُلْك وساق الجيوش بين يديه وبايعوه، ولم يختلف عليه اثنان، وسلطنوه في الطريق [2] .