وفي ذي الحجّة قدم الشام نحو ثلاثمائة فارس من التَّتار مقفزين، وتوجّهوا إلى القاهرة [1] .
وفي أواخرها، وقيل فِي أول سنة اثنتين أحضر السّلطان بين يديه سُنقُر الأشقر وطقصو فعاقبهما، فأقرّا أنّهما عزما على قتله، وأنّ حسام الدِّين لاجين لم يكن معهم، فأمر بهما فخُنِقا بوَتَرٍ، وأفرج عن لاجين بعد أن كان الوَتَر فِي حلْقه. وقيل خُنق وتُرك بآخر رَمَق، فشفع فِيهِ بيدرا والشُجاعيّ فأطلقه، وأُنزل الآخران إلى البلد فسُلّما إلى أهاليهما. وأُهلك معهما أمراء منهم جرمك، وسُنقران، والهارونيّ [2] .
وقيل إنها لغيره، فقد سألتُه عَنْهَا فلم يعرِفْها، وإنّما هِيَ لشاعرٍ من تجّار بغداد مات سنة بضع وسبعمائة، سمعها منه ابن منْتاب. وبعد ذَلِكَ ظهرت أنّها للمولى شهاب الدِّين، وأخرجها بالخطّ العتيق، وحدّث بها. سمعها منه العلائيّ، وغيره. وهي:
لك الراية الصَّفْراءُ يقدمُها النَّصْرُ ... فمن كيقُباذٌ إنْ رآها وكيْخُسْرُو
إذا خَفَقَتْ فِي الأفْق هُدْبُ بُنُودِها ... هَوى الشَّرْكُ واستعلى الهُدى وانْجلى الثغرُ
وإنْ نُشرت مثل الأصائلِ فِي وغى ... جلا النَّقْع من لألاء طَلْعتها البدرُ
وإنْ يمّمت زُرْقَ العدي سار تحتها ... كتائبُ خضرٌ دَوحها البِيض والسُّمرُ
كأنّ مثار النَّقْع ليلٌ وخَفْقها ... بُرُوقٌ وأنت البدرُ والفَلَك الْجِتْرُ
فكم وَطئت طَوْعًا وكرْهًا معاقلا [3] ... مضى الدّهر عَنْهَا وهي عانسة بكر