وجاء إِلَى السّلطان رسول البرواناه يستوقفه عن الحركة، فكان جوابه:
إنّا قد عرفنا طُرُق الرّوم وبلاده، وما كان جلوسنا على تخت المُلْك رغبة فِيهِ إلّا لنُعْلِمَكُمْ أنّه لا عائق لنا عن شيءٍ نريده بحول الله وقوّته [1] .
ثُمَّ قطع السّلطان الدَّربَنْد وعبر النَّهر الأزرق، وقدم الشّام في آخر العام [2] .
ولمّا بلغ شمس الدّين ابن قرمان وقعةُ البُلُسْتَيْن جمع وحشد، وقصد أقْصرا ونازلها، ثُمَّ قصد قُونية ومعه ثلاثة آلاف فارس فنازلها، ورفع السّناجق الظّاهريّة، وأحرق بابها، ودخلها يوم عَرَفَه، فنهب دُور الأمراء والنّائب، ثُمَّ ظفر بنائبها، فعذّبه وقتله، وعلّق رأسه. وأقام بقُونية سبعة وثلاثين يوما [3] .
وأمّا الملك أبغا فإنّه أسرع إِلَى الرّوم فوافى البُلُسْتَيْن على أثر رجوع الملك الظّاهر، فشاهد القتلى، فبكى وأنكر على البرواناه كوْنه لم يعرّفه بجَلِية الأمر، فقال: لم أعرف. فلم يقبل قوله، وحنق عليه، وبعث أكثر جيشه إِلَى جهة الشّام، وكان معه أيْبك الشَّيْخيّ، فقال له: أرني مكان ميمنتكم وميسرتكم، فأراه، فقال: ما هَذَا عسكرٌ يكفيه هَذِهِ الثّلاثون ألفا الّتي معي. ثُمَّ بعث يجمع العساكر. وكان قد هلك لهم خيلٌ كثيرة. ثُمَّ عطف، لعنه الله، على قيصريّة فخرج إليه القُضاة والعُلماء، فقال: كم للملك الظّاهر عنكم؟