من التّتار، فبعث صاحبُ سِيس إليهم متوسِّلًا بطاعته، وبذل أموالا فلم يُجِيبوه. فلمّا استولى السّلطان على أنطاكية بعث إليه صاحب سِيس يبذل القِلاع الّتي كان أخذها من التّتار عند استيلائهم على حلب، وهي دَرْبساك [1] ، وبهَسْنا [2] ، ورعْبان [3] ، فأبى عليه إلّا أنْ يحضر سُنْقُر الأشقر، فسار صاحب سِيس إلى التّتار، واستغاث بهم على الملك الظّاهر، واستصحب معه أحد البحريّة عَلَم الدّين سلطان، فكان يجتمع بسُنْقُر الأشقر سرّا وعليه زِيّ الأرمَن، والأشقر يخاف أن يكون دسيسة عليه فلا يُصغي إلى قوله فيقول: ما أعرف صاحب مصر، ولا أخرج عن هؤلاء القوم. فلم يزل عَلَم الدّين يذكر له أماراتٍ وعلامات عرف منها صحّة قصده، فأذعن للهرب. فلمّا خرج صاحب سِيس لبس سُنْقُر الأشقر زِيَّهم، واختفى معهم، فلمّا وصل به صاحب سِيس من مصر، فأُحضِر إليه وهو على أنطاكية، ثمّ سيّره مع جماعة إلى سِيس، فوقفوا على النّهر به بالقُرب من حدّ دَرْبساك، ووصل سُنْقُر الأشقر مع جماعةٍ من سِيس، فوقفوا على جانب النّهر، ثمّ أطلق كلٌّ من الفريقين أسيرهم [4] ، وتسلَّم نوّاب السّلطان درْبساك ورعبان، وبقيت بهَسْنا [5] ، سأل صاحب سِيس من سُنْقُر الأشقر أن يشفع له عند السّلطان في إبقائها له على سبيل الإقطاع، فوعده بذلك، ولمّا وصل الخبر خرج السّلطان من دمشق لتلقّيه، فلمّا رآه ترجّل،