عجوز، فَتُشَاكِلُ الرّجُلَ وتقول: هذه ما يُمكنها ما تريد منها إلّا في منزلها. فإذا انطلق معها، واستقرّ في دارها، خرج إليه رجلان جَلَدان فيقتلانه، ويأخذان ما عليه.
وكانوا يتنقّلون من موضع إلى موضع، إلى أن سكنوا على الخليج.
وجاءت العجوز مرّة إلى ماشطة مشهورة لها حليّ تخرج به العرائس، فقالت لها: عندي بنتٌ، ونريد أن تُصْلحي من شأنها. فجاءت بالحُليّ تحمله الجارية.
ورجعت الجارية من الباب فدمّسوا الماشطة، ولمّا أبطأ خبرُها على جاريتها مضت إلى الوالي فأخبرته، فركب إلى الدّار وهجمها، فوجد غازيّة والعجوز، فأخذهما وتهدّدهما، فأقرَّتا، فحبسهما فجاء إلى الحبْس أحدُ الرّجُلين، فشعر به الأعوان، فأُخِذ وقُرِّر وضُرِب، فاعترف ودلّ على رفيقه، وكان لهما رفيقٌ آخر له قمّين للطُّوب، كان يُلْقي فيه من يقتلانه في اللّيل فيحترق. وأظهروا أيضا من الدّار حفيرة مملوءة بالقتلى، فأُنهي أمرُهُم إلى السّلطان فسُمِّروا خمستهم. وبعد يومين شفع أميرٌ في الصبيّة فأُنزِلت وماتت بعد أيّام [1] .
قال: وفيها اتّفق أنّ ليلة الإثنين كانت ليلة ثاني عشر ربيع الأوّل، وفيها أحضرت إلى قلعة مصر فلوسٌ كثيرة من جهة قُوص وُجِدت مطمورة، كان على الفِلْس صورةُ ملك، وفي يده ميزان، وفي يده الأخرى سيفٌ. وعلى الوجه الآخر رأس بآذان كبار، وحوله أسطُر. فحضر جماعةٌ من الرُّهبان فيهم حكيم يونانيّ روميّ لا يعرف العربيّة فقرأ الأسْطُر، فكان تاريخ الفِلْس من ألفين وثلاثمائة سنة، وفيه مكتوب، أنا غياث المُلْك، ميزان العدل والكَرَم في يميني لمن أطاع، والسيف في شمالي لمن عصى. وفي الوجه الآخر: أنا غياث الملك أُذُني مفتوحة للمظلوم، وعيني انظر بها مصالح ملكي [2] .