قامة، وفي عرض أربعة أذْرُع، وبنوا حائطا ارتفاع خمسة أذرُع كالسّور عليهم وعملوا فِيهِ أبوابا، ونصبوا على باب العراق الّذي للبلد أكثر من عشرين منجنيقا، وألحّوا بالرمي بها ليلا ونهارا، وأخذوا فِي نقب السّور، فلم يزالوا إلى أن ظهروا أوّلا من حمّام حمدان فِي ذيل قلعة الشّريف، وركبوا الأسوار من كلّ ناحيةٍ فِي اليوم التّاسع من صَفَر، فهرب المسلمون إلى جهة القلعة، ورمى خَلْقٌ نفوسهم فِي الخندق، وبذلت التّتار السّيف فِي العالم، ودخل خَلْقٌ إلى القلعة، وذلك يوم الأحد.

وأصبحوا يوم الإثنين وهم على ما أمسوا عليه من القتْل والسّبي، وامتلأت الطرُقات بالقتلى. وأحمي فِي البلد أماكن لِفَرَماناتٍ كانت بأيديهم، فمن ذلك دار شهاب الدّين بن عمرون، ودار نجم الدّين ابن أخي مردكين، ودار البازيار [1] ، ودار عَلم الدّين قيصر المَوْصِلي، والخانقاه الّتي فيها زين الدّين الصّوفيّ، وكنيسة اليهود، فنجا من القتل في هذه الأماكن أكثرُ من خمسين ألفا، واستتر أيضا جَمعٌ كثير، فقتِل أمم لا يحصيهم إلّا الله سبحانه وتعالى [2] .

وبقي القتل والأسر والحريق والبلاء إلى يوم الجمعة الرابع عشر من صفر، ثمّ نودي برفع السّيف، وأذّن المؤذّنون يومئذ بالجامع، وأقيمت الخطبة والصّلاة. ثمّ أحاطوا بالقلعة وحاصروها، وبالقلعة الملك المعظّم [3] .

[هرب الملك الناصر من دمشق]

ووصل الخبر بأخذ حلب إلى دمشق يوم السّبت فهرب الملك النّاصر من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015