المدينة، فخرج إليهم عسكر المدينة ومعهم خَلْقٌ من المطوّعة، فساروا فرأوا التّتار، فلمّا تحقّقوا كثرتهم كرّوا راجعين. وأمر نائب حلب أن لا يخرج بعد ذلك أحد [1] ، وكتب يستحثّ الملك النّاصر فِي الكشف عَنْهُمْ. فلمّا كان من الغد رحل التّتار عن منزلتهم ونازلوا حلب، واجتمع عسكر البلد بالبواشير وإلى ميدان الحصا، وأخذوا فِي إجالة الرأي، فأشار عليهم نائب السّلطنة أن لا يخرجوا، فلم يوافقه العسكر، وخرجوا ومعهم العوامّ والشّطّار، واجتمعوا بجبل بانقوسا، ووصل جمع التّتار إلى ذيل الجبل، فحمل عليهم جماعة من العسكر فانهزم التّتار مكيدة، فتبعوهم ساعة، ثمّ كثرت التّتار عليهم، فهربوا إلى أصحابهم، ثمّ انهزم الجميع لمّا رأوا التّتار مُقبلين، فركبت التّتار ظهورهم يقتلون فيهم. وقُتِل يومئذٍ الأمير عَلَم الدّين زُرَيْق العزيزيّ ونازلت التّتار البلدَ فِي ذلك اليوم، ثمّ رحلوا عَنْهَا طالبين إعزاز، فتسلّموها بالأمان [2] .
وخرجت السّنة والناسَ فِي أمرٍ عظيم من الخوف والجلاء والحيرة [3] .