وقدِم البحريّة على صاحب الشّام ورأسهم سيف الدّين بَلَبَان الرّشيديّ، ورُكن الدّين بيبرس البُنْدُقْداريّ، فبالغ فِي إكرامهم بالعطاء والخِلَعِ، فلزّوه فِي التّوجّه إلى مصر لكونها مُخَبَّطة [1] . فقدّم على الجيش الملك المعظّم عمّ أبيه، فدهمهم الشّتاء وهم بالغور، وزادت الشّريعة، ووقع فِي حوافر خيلهم مرض.
وبقوا فِي الغور مدّة، ثمّ نزلوا غزّة، فبذل الملك المُعِز الأموال، ونزل العبّاسية [2] ، وخاف من العزيزيّة الّذين قفزوا إلى مصر سنة ثمانٍ وأربعين، لأنّه بلغه أنّ الملك النّاصر كاتبهم، فقبض على كبارهم، ونهب خِيَمهم. فبلغ ذلك الملكَ النّاصر ففتر وضعُفَتْ همّته [3] .
وكان الفارس أقطاي قد طغى وتجبّر بحيث إنه إذا ركب إلى القلعة يدوس موكُبه النّاس ويضربونهم، ولا يلتفت إلى المُعِز ولا إلى غيره، والخزائن بحْكمه. ثمّ أراد أن يسكن القلعة وأن تُخْلَى له دار السّلطنة، وطاش وأسرف، فقتله المعزّ، وهربت مماليكه [4] .