نزل، فلا حول ولا قوّة إلّا باللَّه. وهذا من أغرب ما تمّ فِي الوجود حتّى إنّ الفرنج اعتقدوا أنّ المسلمين فعلوا هذا مكيدة. ثمّ كَانَ لهم الأمر، وابتلى اللَّه تعالى العسكَر بالعدوّ وذَهاب أموالهم. فقيل سبب هروبهم أنّهم بطّقوا [1] مرّة بعد أخرى إلى السّلطان ليكشف لما جاء خبر، وكان قد سقاه الطّبيب دواء مخدّرا، وأوصى بأن لا يُزعج ولا ينبَّه، فكتموه الخبر، فوقع إرجاف فِي دِمياط بموته، ونزل بهم الخذْلان.
وكان الملك الصّالح نجم الدّين أيّوب عَلَى المنصورة نازلا، فغضب كيف يسيّبها أهلها، وشنق من أَعيان أهلها ستّين رجلا [2] . ولمّا أمر بشنقهم قَالُوا: ما ذَنْبُنا إذا كانت عساكره وأمراؤه هربوا وأحرقوا الزّرد خاناه، فأيش نعمل نَحْنُ؟
وقامت القيامة عَلَى العسكر، وخرج أهل دِمياط حُفاةً عُراة جياعا فقراء حَيَارى بالحريم والأطفال، قد سَلِم لهم بعض ما يعيشون بِهِ، فنهبهم المسلمون فِي الطّريق.
وأمّا العسكر فاستوحشوا من السّلطان ودعوا بهلاكه [3] .