وفيها ورد كتاب [بدر] [1] الدّين صاحب الموصل يَقُولُ فِيهِ: إنّني قررت عَلَى أهل الشّام قطيعة فِي كلّ سنة عشرة دراهم عَلَى الغنيّ، وعلى الوسط خمسة دراهم، وعلى الفقير درهما [2] . وقرأ القاضي محيي الدّين ابن الزّكيّ الكتاب عَلَى النّاس وشرعوا فِي الجباية [3] .
قلت [4] : أظنّ هذا مصالحة عَنْهُمْ للتّتار، فإنّ سعد الدّين ذكر فِي تاريخه أنّ فِي آخر سنة إحدى وأربعين وصل رسول قاءان إلى صاحب ميّافارقين يطلب الدّخول فِي طاعته، وأن فِي المحرّم سنة اثنتين جهّز صاحب ميّافارقين رسل التّتار بهديّة عظيمة. وأن فِي أواخر المحرَّم أخذت التّتار خلاط وعبروا إلى بَدْلِيس [5] ، كانت مَعَ الملك المظفّر، إلى حصن كيفا. ثمَّ أَنْفذ إلى ميّافارقين جهّز أمّه وزوجته وما خفّ معهما من جواهر ومصالح، فطلعوا إلى حصن كيفا عند المعظّم ولد الملك الكامل. وطلب المظفّر ولده الملك السّعيد، وكان شابّا مليحا، شجاعا، كريما فقال: تعود إلى ميّافارقين وتجمع النّاس والعسكر لقتال التّتار، وأنا فأمضي إلى مصر أو إلى بغداد لجمع الجيوش واستنفار النّاس. فأبى وقال: ما أفارق خدمة السّلطان. فضربه ابن عمّه بسِكّين قتله وقتلوه بعده فِي الحال.
ثمّ سار المظفَّر وأنا معه إلى نصيبين ثمّ إلى ماكسين، وأخذنا عَلَى بلاد الخابور. ثمّ سرنا إلى عانة، ثم عَدَّيْنا إلى الجانب الغربيّ فوصلتنا إقامة الخليفة.