كاسات الخمر يسقون الفرنج، فأقبلت الخَوارزميّة والمصريّون، فكانت الوقعة بين عسقلان وغزّة، وكانت الفرنج في الميمنة، وعسكر النّاصر في الميسرة، والملك المنصور في القلب، وكان يوما مشهودا. التقوا فانهزمت الميسرة وأُسر الظّهيريّ سنقر، وانهزم الوزيريّ، ونُهِبت خزانة الظّهيريّ. ثمّ انهزم الملك المنصور، وأحاطت الخَوارزميّة بالفرنج. وكان عسكر المصريّين قد انهزموا أيضا إلى قريب العريش [1] .
وكان عدد الفرنج يومئذ ألفا وخمسمائة فارس وعشرة آلاف راجل، وما كانت إلّا ساعة حتّى حصدهم الخَوارزميّون بالسّيوف وأسروا منهم ثمانمائة [2] .
قال أبو المظفّر [3] : فذهبت ثاني يوم إلى موضع المصافّ فوجدتهم يعدّون القتلى فقالوا: هُم زيادة عَلَى ثلاثين ألفا. وبعث الخُوارزميّون بالأسارى وبالرءُوس إلى مصر. ووصل المنصور فِي نفرٍ يسير ونُهِبت خزائنه وخيله، وقتِل أصحابه، وجعل يبكي ويقول: قد علمت إنّا لمّا سرنا تحت صلبان الفرنج أننا لا نفلح [4] .
ثمّ حضّ الملك الصّالح معين الدّين ابن الشَّيْخ فِي العساكر لحصار دمشق [5] ، ودخلت الأسارى القاهرة ومُلِئت الحبوس بهم [6] .
وخُذِل الصّالح إِسْمَاعِيل وأخذ يتهيَّأ للحصار، وخرّب رباعا عظيمة حول البلد، والله المستعان [7] .