أَبُو الحارث، صاحبُ حِمْصَ، وُلِد الأمير ناصر الدّين مُحَمَّد ابن السلطان الملك المنصور أسد الدّين شير كوه بن شاذي بن مروان بن يعقوب.

ولد بمصر سنة تسع وستّين وخمسمائة.

وأعطى السلطان صلاح الدّين حمص بعد موت والده في سنة إحدى وثمانين، فملكها ستّا وخمسين سنة.

وسَمِعَ بدمشقَ من أَبِي الفضلِ بن الحسين ابن البانياسيّ. وأجازَ لَهُ العلَّامةُ عَبْد اللَّه بن بَرّي، وجماعةٌ.

وحدَّث بدمشقَ وحِمْصَ.

وشَهِدَ غزاةَ دمياطَ، ورابَطَ عليها. وسكن المنصورةَ إلى انقضاء الغزاة، واستنقاذ دِمياطَ. وكان شَهْمًا، مَهيبًا، بَطَلًا، شُجاعًا، مِقدامًا، مَعْروفًا بالشَّجاعةِ.

قَرَّرَ الحَمَام فِي نواحي بلادِه لنقلِ الأخبار. وكانَتْ بلادُه طاهرة من الخمرِ والمكوس. ومنع النساء من الخروج من أبواب حمص مدّة إمرته عليها خوفا أن يأخُذَ أهلُ حِمْصَ أهاليهم ويَنْزَحونَ عنها لفسقِه وجَوْرِه. وله أخبارٌ فِي الظُّلم والتعذيبِ والاعتقالِ. إلا أَنَّهُ كَانَ لا يَشْربُ الخمرَ أبدا، ويلازِمُ الصلاةَ فِي أوقاتِها، ولا يُقْبِلُ عَلَى اللهْوِ، بل هِمَّتُه فِي مصالح مُلْكِه. وكان ذا رَأْي ودَهاء.

وكانَ الملكُ الكامل قد استوحَشَ منه واتَّهمه بأنَّه أَوقع بينَه وبين الأشرف، فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015