كَانَ أَبُوه يُحبه، حَتَّى إِنَّهُ خلع أخاه أَبَا نصر مُحَمَّدًا، وجعل هَذَا وليَّ العهد، وَكَانَ شابّا فلم يُمَتَّع، ومات في ذي القِعْدَة.
ومن غريب الاتّفاق ما ذكر أَبُو المظفّر ابن الْجَوْزيّ [1] ، قَالَ: دخل يوم الْجُمُعة رأس منكلي (مملوك السُّلْطَان أُزبك الَّذِي كَانَ قد عصى عَلَى أُستاذه وَعَلَى الخليفة وقطع الطّريق وقتل ونهب، ثُمَّ جُهِّزت إِلَيْهِ العساكر فظفروا بِهِ بقرب همذان، فانكسر وقُتلت أصحابه، ونُهبت أثقاله وهرب ليلا، ثُمَّ قُتل وحُمل رأسه إلى أُزبك، فبعث بِهِ إلى الخليفة) [2] ، فأُدخل بَغْدَاد، وزُينت بَغْدَاد، فَلَمَّا مرُّوا بِهِ عَلَى باب درب حَبيب، وافق تِلْكَ السّاعة وفاة عَليّ هَذَا، فوقع الصُّراخ والنُّوح، وانقلب الفرح مأتما، وأمرَ الخليفة بالنِّياحة عَلَيْهِ في نواحي بَغْدَاد، وفرشوا البواري والرّماد، ولطم النّسوان، وغُلقّت الْأسواق والحمّامات. وخلّف ولدين صغيرين:
الحُسَيْن وَيَحْيَى.
قُلْتُ: وجزعَ النّاصر لموته وَسَمِعَ النَّاس بكاءه وصُراخه عَلَيْهِ، وعُمل لَهُ مأتم ببَغْدَاد لم يسمع بِمِثْلِهِ من الْأعمار، وأقامت لَهُ الملوك الْأعْزية في بُلدانهم، ورثَتْه الشّعراء.
96- عَليّ بن حُمَيْد [3] .