وحصلت له منزلة عظيمة إِلَى الغاية عند النّاصر لدينِ اللَّه. ولم يزل على ذلك إلى أن سأل الإعفاء والإذن له فِي التّوجّه إِلَى بلده، وخاف العواقب، وسار إِلَى حماه، فوُلّي قضاءها، وعِيبَ عليه هَذِهِ الهمَّة النّاقصة.
وكان سمْحًا، جوادا، له شِعرٌ جيّد، فمنه:
فارقْتكُمُ ووصلتُ مصرَ فلم يقم ... أُنسُ اللّقاء بوحشة التّوديعِ
وسُرِرتُ عند قدومها لولا الّذي ... لكُمْ من الأشواق بين ضُلُوعي
وله:
فِي كلّ يوم تُرى للبَيْن آثارُ ... وما له فِي التآم الشّملِ إيثار
يسطُو علينا بتفريق فوا عجبا ... هَلْ كان للبَيْن فيما بيننا ثارُ
يَهزّني أبدا من بعد بعدهم ... إلى لقائهم وجدٌ وتذْكارُ
ما ضرّهم فِي الهَوَى لو واصلوا دَنِفًا ... وما عليهم من الأوزارِ لوْ زاروا
يا نازلين حِمى قلبي وإنْ بعُدُوا ... ومنصفين وإنْ صدّوا وإنْ جاروا
نما فِي فؤادي سواكم فاعطفُوا وصِلُوا ... وما لكم فِيهِ إلّا حبّكم جارُ
وقد سمع من أَبِي طاهر السِّلَفيّ وحدَّث عَنْهُ. وبحماه تُوُفّي فِي رجب، وله خمسٌ وستّون سنة، فِي نصف الشّهر.
529- مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن سَعِيد [1] .
الأديب مؤيد الدّين التَّكْريتيّ، أبو البركات، الشّاعر [2] .