بَيْنَ الملَّتَيْن فِي الثّاني والعشرين من شعبان. ووقعت الأَيْمان والمواثيق عَلَى ذَلِكَ منَ الفريقين، ونوديَ بِذَلِك.
وكان فِي جملة من حضر عِنْد صلاح الدّين صاحب الرملة، فَقَالَ لصلاح الدّين: ما عمل أحدُ ما عملت، إننا أحصينا من خرج إلينا فِي البحر منَ المقاتلة فكانوا ستّمائة ألف رَجُل ما عاد منهم إلى بلادهم من كُلّ عشرة واحد [1] ، بعضهم قُتِلوا [2] ، وبعضهم مات، وبعضهم غرق. وأذِن صلاح الدّين فِي زيارة القدس للفرنج، وتردَّدت الرُّسل بَيْنَ السّلطان وبين الفِرَنج [3] .
ثمّ سار فنزل بالعوجاء، وبلغه أنّ الأنكتير بظاهر يافا فِي نفرٍ يسير، فساق ليكبسه، فأتى فوجد نحو عشر خيم، فحمل السّلطان عليهم، فثبتوا ولم يتحرَّكوا، وكشّروا عَنْ أنياب الحرب، فارتاع عسكر السّلطان وهابوهم، وداروا حولهم حلقة. وكانت عدّة الخيل سبعة عشر، والرجّالة ثلاثمائة.
فوجَدَ السّلطان من ذَلِكَ وتألَّم، ودار عَلَى جُنْده ينخّيهم عَلَى الحملة، فلم يُجِب دعاءه سوى ولده الملك الظّاهر. وقَالَ للسّلطان الجناح أخو سيف الدّين المشطوب: قل لغلمانك الّذين ضربوا النّاس يوم فتح يافا وأخذوا منهم الغنيمة يحملون. وكان فِي نفوس العسكر غَيْظ عَلَى السّلطان حيث فوَّتهم الغنيمة. فغضب السّلطان وأعرض عن القتال [4] .