يخدم السّلطان ويقول: أَنَا مشدود بواسط فِي خدمتكم، وهذا وقتكم، والبلاد خالية، فإذا هادنت الفِرَنج وعدت إلى الشّام فأنا أتولّى الخدمة. وَقَدْ توّج المكتوب بالقلم الشّريف. إنّا ما أَنْبَأَنَا إلى طاشتِكِين قطّ وله حقوق، غير أنّ باطنه رَوَى ما يخبئه. فأنكر طاشتِكِين، وزعم أنّ هَذَا الخطّ لا يعرفه. فشهد عليه جماعة مِمَّنْ تختصّ بِهِ وكذَّبوه. فحُبِس، وكان لَهُ إلى هَذِهِ السّنة تسع عشرة حَجة. ووُلي إيليا إمرة الحاجّ [1] .
وبنى الخليفة دارا هائلة مزخرفة فِي بستانها منَ الطّير والوحش ما يبهت الرّائي. فَلَمَّا فرغت وهبها لولده أَبِي نصر مُحَمَّد.
وفيها فِي المحرَّم، أعني سنة ثمانٍ، نزل الفِرَنج بعسقلان وهي خراب، فأخذوا فِي عمارتها [2] .
وَفِي ربيع الآخر قُتِلَ المركيس صاحب صور، وكان من شياطين الفِرَنج، قدِم منَ البحر فِي مركبٍ عالٍ وتجارة أيّام فتح بيت المَقْدِس، فدخل صور وأهلها فِي هَرَج ومرج، وليس لهم رأس، فملّكوه عليهم، فقام بأمرهم أتمّ قيام، وضبط البلد وحصَّنها، وحاصرهم صلاح الدّين مدّة بعد فتح بيت المَقْدِس فلم يقدر عليهم، فجرّد عَلَى البلد من يضيِّق عليهم ورحل.
وكان المركيس أحد من بالغ فِي حصار عكّا. وكان سبب قتله أنّ سِنانًا مقدّم الإسماعيليّة بعث إِلَيْهِ صلاح الدّين أن يرسل من يقتل ملك الإنكتار،