ترحّل السّلطان صلاح الدّين عن صور لأنّه تعذّر عليه فتْحها لكثُرة من فيها وقوَّة شوكتهم. ونزل عَلَى حصن كوكب [1] فِي وسط المحرَّم، فوجده لا يُرام، فرتَّب عليه قايماز النَّجْميّ فِي خمسمائة فارس، ثُمَّ قدِم دمشق وأقام بها مُدَيْدَة. ورحل إلى بِعْلَبَكّ فرتَّب أمورها، ثُمَّ اجتمع هُوَ والملك عماد الدّين زنكيّ بْن مودود، وصاحب سَنْجار عَلَى بُحَيرة قَدَس، وكان قَدْ جاء إلى السّلطان لأجل الغَزَاة، فجعله عَلَى ميمنته، وجعل مظفّر الدّين ابن صاحب إربل عَلَى الميسرة. ثُمَّ سار السّلطان فنزل بأرض حصن الأكراد فِي ربيع الآخر، وبثّ العساكر فِي تخريب ضياع الفِرَنج، وقطّع أشجارهم ونهبهم.
ثُمَّ رحل إلى أَنْطَرَطُوس، فافتتحها عنوة، وسار إلى جبلة [2] فتسلّمها