ووصل صلاح الدّين ميّافارقين فنازلها وحاصرها، وكتب إلى مقدّمته يأمرهم بالعَود إِلَيْهِ فعادوا، وتسلّمها بأمان، وسلّمها إلى مملوكه سُنْقُر فِي جُمادى الأولى. فأتته رُسُلُ البهلوان بما فِيهِ المصلحة وأن يرجع عَنْ خِلاط، فأجاب: عَلَى أن ترحل أَنْت أيضا إلى بلادك [1] .
ثُمَّ عاد صلاح الدّين فنازل المَوْصِل وضايقها، فخرج إِلَيْهِ جماعة منَ النّساء الأتابكيّات فخضعْن لَهُ، فأكرمهنّ وقَبِل شفاعتهنّ. واستقرّ الأمر عَلَى أن يكون عماد الدِّين زنكي بْن مودود بْن زنكي صاحب سِنْجار هُوَ المتكلّم، فتوسَّط بأن تكون بلاد شهرزُور وحصونها للسّلطان، وتُضْرب السّكَّة باسمه والخطْبة لَهُ بالموصل، وأن تكون المَوْصِل لصاحبها، وأن يكون طَوْعه [2] .
ثُمَّ رجع السّلطان فتمرّض بحَرّان مُدَيْدَة، واشتدّ مرضه، وتناثر شَعْر رأسه ولحيته، وأرجفوا بموته. ثمّ عوفي [3] .