والحصن بمن فِيهِ صريع، قد خرقت الحجارة حجابه، وقُطِعت بهم أسبابه، وناولته من الأجَل كتابه، وحَسَرَت لِثامَ سُوره وخلعت نِقابَه، فَألوف الأبراج مجدوعة، وثنايا الشُرفات مقلوعة ورءوس الأبدان مخروزة، وخروق العوامل مهموزة، وبطون السُقُوف مبقورة، وعصا الأساقف معقورة، ووجوه [الْجُدُر] [1] مسلوخة، وجلود البواشير مبشورة، والنّصر أشهر من نارٍ على عَلَم، والحرب قَدم من ساقٍ على قَدَم.
وقدِم السّلطان وبدمشق الرسولان شيخ الشّيوخ صدر الدّين والطّواشيّ بشير، فمرضا، ومات جماعة من أصحابهما. وكان الشَّيْخ نازلا بالمنبع، فكان السّلطان يعوده فِي كلّ يوم. وكان قدومهما فِي الصُلح بين السّلطان وبين عزّ الدّين صاحب المَوْصِل، فلم ينبرم أمرٌ، فطلبا العَوْد إلى بغداد، وعادا، فمات بشير بالسّخنة، وشيخ الشّيوخ بالرحَبة [2] .
وأذِن السّلطان للجيوش بالرجوع إلى أوطانهم.
وخلع على نور الدّين بْن قُرا رسلان صاحب حصن كيفا الخِلْعة الّتي جاءته هذه المرّة من الخليفة بعد أن لبسها السّلطان.
ثمّ كتب لزين الدّين يوسف بْن زين الدّين عليّ صاحب إربل منشورا بإربل وأعمالها لمّا اغتدى إليه، وفارق صاحب المَوْصل.