وقد ذكر صاحب «الرَوْضَتَين» [1] أنّ الفقيه مجد الدّين بْن جميل الحلبيّ الشّافعيّ وقع إليه «تفسير القرآن» لأبي الحكم بْن بُرجان، فوجد فِيهِ عنَد قوله تعالى: الم. غُلِبَتِ الرُّومُ 30: 1- 2 [2] أنّ الرُوم يُغلبون فِي رجب سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، ويفتَح البيت المقدس، ويصير دارا للإسلام إلى آخر الأبد.
واستدلّ بأشياء فِي كتابه. فلمّا فُتحت حلب على يد السّلطان صلاح الدّين، كتب إليه المجد بْن جميل ورقة يبشّره بفتح القدس على يديه، ويعيّن فِيهَا الزّمان، وأعطاها للفقيه عيسى، فلم يتجاسر أن يعرضها على السّلطان، وحدّث بما فِيهَا لمحيي الدّين، وكان واثقا بعقل المجد وأنّه لَا يقول هذا حتّى تحققه، فعمل القصيدة الّتي فِيهَا هذا البيت، فلمّا سمعه السّلطان بُهِت وتعجّب. فلمّا اتّفق لَهُ فتْحُ القُدس فِي رجب، سار المجد مهنّئا، وذكر لَهُ حديث الورقة، فتعجّب وقال: قد سبق إلى ذلك محيي الدّين، غير أنّي أجعل لك حظّا. ثمّ جمع لَهُ مَن فِي العسكر من الفُقَهاء والصُلحاء، ثمّ أدخله بيت المقدس والفِرَنج بعدُ فِيهِ لم يُنظف منهم، وأمره أن يذكر درسا على الصَّخْرة.
فدخل ودرّس هناك، وحظي بذلك.
ثمّ قَالَ أَبُو شامة: وقفت أَنَا على ما فسّره ابْن برُجان من أنّ البيت المقدس استولت عَلَيْهِ الروم عام سبعةٍ وثمانين وأربعمائة، وأشار إلى أنّه يبقى بأيديهم إلى تمام خمسمائة وثلاث وثمانين سنة.