ولم يخرج الرّكْب العراقيّ لعدم الماء والعشب، وكانت سنة مُقْحِطة.
وحجَّ مَن حجّ على خَطَر. ورجع طائفة فنزلت عليهم عرب، فأخذوا أكثر الأموال، وقتِل جماعة [1] .
وفي ذي القعدة هبّت ببغداد ريح شديدة نصف اللّيل، وظهرت أعمدة مثل النّار فِي أطراف السّماء كأنّها تتصاعد من الأرض، واستغاث النّاس استغاثة شديدة. وبقي الأمر على ذلك إلى السَّحَر [2] .
وجلستُ يوم عَرَفَة بباب بدر، وأمير المؤمنين يسمع [3] .
وفيها اجتمعت الفِرَنج عند حصن الأكراد، وسار السّلطان الملك الناصر صلاح الدّين فنزل على حمص فِي مقابلة العدوّ [4] .
فلمّا أمن من غاراتهم سار إلى بَعْلَبِك، فنزل على رأس العين، وأقام هناك أشهرا يراود شمسَ الدّين ابْن المقدّم على طاعته، وهو يَأبى. ولم يزل الأمرُ كذلك إلى أن دخل رَمَضَان، فأجاب شمس الدّين إلى تسليم بَعَلَبك على عِوَضٍ طَلَبَه. فتسلّمها السّلطان، وأنعم بها على أخيه المعظّم شمس الدّولة