وقال ابن الأثير [1] : ودخل بعض الصّعاليك فأخذ أكياس دنانير، وفزع لا يؤخذ منه، فدخل إلى مطبخ الدّار، فأخذ قِدْرةً مملوءة طبيخا، فألقى فيها الأكياس، وحملها عَلَى رأسه، فضحك النّاس منه فقال: دعوني أُطْعم عيالي ثمّ استغنى بعد ذَلِكَ، ولم يبق من نعمة قُطْب الدّين فِي ساعةٍ واحدة لا قليل ولا كثير [2] .
وأمّا العامَّة فثاروا بأعوان قُطْب الدّين، وأحرقوا من دُورهم مواضعَ كثيرة، وبقي أهلها فِي جَزَع وحَيْرة، وقصدوا الحِلَّة، ثمّ طلبوا الشّام وقد تقلّل جَمْعُهُم، وبقي مَعَ قايماز عددٌ يسير.
ثمّ خُلع عَلَى الوزير ابن رئيس الرؤساء، وأعيد إلى الوزارة [3] .
وكتب الفقهاء فتاويهم أنّ قايماز مارِق، وذلك فِي ذي القعدة.
ثمّ جاء الخبر فِي ذي الحجَّة أنّ قايماز تُوُفّي، وأنّ أكثر أصحابه مَرْضَى، فسبحان مُزِيل النِّعَم عَنِ المتمرّدين [4] .
وفيها ملك صلاح الدّين دمشق بلا قتال، وكتب إلى مصر رَجُلٌ من بُصْرَى فِي الرابع والعشرين من ربيع الأوّل، وقد توجّه صاحبها فِي الخدمة:
ثمّ لقينا ناصر الدّين بْن المولى أسد الدّين والأمير سعد الدّين بْن أُنُر [5] ، ونزلنا فِي الثّامن والعشرين بجسر الخَشَب، والأجناد إلينا متوافية من دمشق.