ولمّا بلغ صلاح الدّين سوء تدبير الأُمراء فِي دولة ابن نور الدّين، كتب إليهم، ونهاهم عَنْ ذَلِكَ. فكتب إِلَيْهِ ابن المقدَّم يردعه عَنْ هذه العزيمة، ويقول لَهُ:
«لا يُقال عنك إنّك طمَعْتَ فِي بيت مَنْ غَرَسَك، وربّاك وأنْبَتَكَ [1] ، وصفّى [2] مَشْرَبَك، وأصْفَى [3] مَلْبَسَك، وفي دَسْت ملْك مصر أجْلَسَك، فما يليق بحالك غيرُ فضلك وإفضالِك» [4] .
فكتب إِلَيْهِ صلاح الدّين: إنّه لا يُؤْثِر للإسلام وأهله، إلّا ما جَمَعَ شَمْلَهم، وألَّف كلمتهم، وللبيت الأتابكيّ، أعلاه اللَّه تعالى، إلّا ما حفظ أصله وفَرْعَه [5] . فالوفاء إنّما يكون بعد الوفاة [6] ، ونحن فِي دارٍ، والظّانّون بنا ظَنَّ السَّوء فِي وادٍ [7] .
وفيها وَعَظ الطُّوسيّ بالتّاجيَّة من بغداد، فقال: ابن مُلْجَم لم يكفر بقتْله عليّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فجاءه الآجُرّ من كلّ ناحية، وثارت عَلَيْهِ الشّيعة، ولولا الغلمان الّذين حوله لَقُتِلَ. ولمّا همّ الميعادُ الآخر بالجلوس، تجمّعوا ومعهم