وكاتبَ فِي غضون ذَلِكَ الملك العادل نور الدّين يستنجد بِهِ، وسوَّد كتابه، وجعل فِي طيِّه ذوائب النّساء، وواصل كُتُبَه يستحثّه، فكان بحلب، فساق أسد الدّين من حمص إلى حلب فِي ليلة [1] .
قَالَ القاضي بهاء الدّين يوسف بْن شدّاد [2] : قَالَ لي السّلطان صلاح الدّين: كنت أُكْرهُ النّاسَ فِي الخروج إلى مصر هذه المرَّة، وهذا معنى قوله:
فَعَسى [3] أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً 4: 19 [4] .
وقال ابن الأثير [5] : حُكي عَنْ صلاح الدّين قَالَ: لمّا وردت الكُتُب من مصر إلى نور الدّين أحضرني وأعلمني الحال، وقال: تمضي إلى عمّك أسد الدّين مَعَ رسولي تحثّوه عَلَى الحضور. ففعلت، فلمّا سرنا عَنْ حلب، ميلا لقِيناه قادما، فقال لَهُ نور الدّين: تجهَّز. فامتنع خوفا من غَدْرهم أوّلا، وعدم ما ينفقه فِي العسكر آخرا، فأعطاه نور الدّين الأموال والرجال، وقال: إنْ تأخّرتَ عَنْ مصر سِرْتُ أَنَا بنفسي، فإن ملكها الفرنجُ لا يبقى معهم بالشّام مقام.